الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ٨ - الصفحة ٢٢٤
فكأنما أعتق رقبة من ولد إسماعيل " (1).
فالاحترام الذي أولاه الإسلام للمرأة قد أعاد لها شخصيتها الضائعة بين حوالك الجاهلية، وحررها من العادات البالية، وأنهى عصر تحقيرها.
وإن كان غور هذا الموضوع يستلزم التفصيل فسنتطرق إلى ذلك في تفسيرنا للآيات المناسبة له، ولكن ما يحز في النفوس ولا يمكن السكوت عنه ما يشاهد في كثير من مجتمعاتنا الإسلامية من آثار لنفس ذلك التوجه الجاهلي الموبوء، فإلى الآن نرى الكثير من العوائل تفرح وتسر عندما يأتيها مولود ذكر، وتتأسف وتتأفف عندما تكون المولودة بنتا! وعلى أقل التقادير ترجح ولادة الولد على البنت!.
من الممكن أن تكون الظروف الخاصة اقتصاديا واجتماعيا، المرتبطة بوضع المرأة في مجتمعاتنا، عاملا على وجود عادات وحالات خاطئة، إلا أنه ينبغي على المؤمنين المخلصين مكافحة هذا النمط من التفكير واقتلاع جذوره الاجتماعية والاقتصادية، فالإسلام لا يقبل من أتباعه بعد (14) قرن العود إلى أفكار الجاهلية المقيتة.. فهذا السلوك في واقعه نوع من الجاهلية الثانية.
ولا ينبغي أن تأخذنا التصورات السارحة فنرى عن بعد أن المرأة قد نالت مناها في عالم الغرب وأنها تحظى من الاحترام والتحرر ما تحسد عليه! فالحياة العملية في الغرب تؤكد بما لا يقبل الشك أن المرأة هناك محتقرة، وقد جعلت لعبة مبتذلة ووسيلة رخيصة لإشباع الشهوات أو وسيلة إعلان للبضائع والمنتوجات (2).
* * *

1 - مكارم الأخلاق، ص 54.
2 - ومن جميل الصدف أن كتب هذا البحث في اليوم العشرين من جمادى الثانية سنة 1401، وهو يوم ولادة فاطمة الزهراء (عليها السلام).
(٢٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 219 220 221 222 223 224 225 226 227 228 229 ... » »»