الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ٨ - الصفحة ٢١٩
يمكن أن تكون هذه الاعتقادات بقايا خرافات الأقوام السابقة التي وصلت عرب الجاهلية، أو ربما يحصل هذا الوهم بسبب ستر الملائكة عنهم وحال الاستتار أكثر ما يختص بحال النساء، ولهذا تعتبر العرب الشمس مؤنثا مجازيا والقمر مذكرا مجازيا أيضا، على اعتبار أن قرص الشمس لا يمكن للناظر إليه أن يديم النظر لأنه يستر نفسه بقوة نوره، أما قرص القمر فظاهر للعين ويسمح للنظر إليه مهما طالت المدة.
وثمة احتمال آخر يذهب إلى الكناية عن لطافة الملائكة، والإناث أكثر من الذكور لطافة.
وعلى أية حال.. فهذه إحدى ترسبات الخرافات القديمة التي تكلست في مخيلة البشرية حتى وصلت للبعض ممن يعيش في يومنا هذا، ولا تختص هذه الخرافة بقوم دون آخر لأننا نلاحظ وجودها في أدبيات عدد من لغات العالم!
فنرى الأديب مثلا حينما يريد وصف جمال امرأة ينعتها بالملائكة، وذاك الفنان الذي يريد أن يعبر عن الملائكة فيجعلها بهيئة النساء، في حين أن الملائكة لا تملك جسما ماديا حتى يمكننا أن نصفه بالمذكر أو المؤنث.
3 2 - لماذا شاع وأد البنات في الجاهلية؟
الوأد في واقعه أمر رهيب، لأن الفاعل يقوم بسحق كل ما بين جوانحه من عطف ورحمة، ليتمكن من قتل إنسان برئ ربما هو من أقرب الأشياء إليه من نفسه!
والأقبح من ذلك افتخاره بعمله الشنيع هذا!
فأين الفخر من قتل إنسان ضعيف لا يقوى حتى للدفاع عن نفسه؟ بل كيف يدفن الإنسان فلذة كبده وهي حية؟!
وهذا ليس بالأمر إلهين، فأي إنسان ومهما بلغت به الوحشية لا يقدم على
(٢١٩)
مفاتيح البحث: القتل (2)، الجهل (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 ... » »»