الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ٨ - الصفحة ٢٢٣
3 3 - دور الإسلام في إعادة اعتبار المرأة:
لم يكن احتقار المرأة مختصا بعرب الجاهلية، فلم تلق المرأة أدنى درجات الاحترام والتقدير حتى في أكثر الأمم تمدنا في ذلك الزمان، وكانت المرأة غالبا ما يتعامل معها باعتبارها بضاعة وليست إنسانا محترما، ولكن عرب الجاهلية جسدوا تحقير المرأة بأشكال أكثر قباحة ووحشية من غيرهم، حتى أنهم ما كانوا يدخلونهن في الأنساب كما نقرأ ذلك في الشعر الجاهلي المعروف:
بنونا بنو آبائنا وبناتنا * بنوهن أبناء الرجال الأباعد وكانوا أيضا لا يورثون النساء، ولم يجعلوا لتعدد الزوجات حدا، وعملية الزواج أو الطلاق أسهل من شربة الماء عندهم.
وعندما ظهر الإسلام حارب بشدة هذه المهانة من كافة أبعادها، وبالخصوص مسألة اعتبار ولادة البنت عارا، حتى وردت الروايات الكثيرة التي تؤكد على أن البنت باب من أبواب رحمة الله للعائلة.
وأولى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ابنته فاطمة الزهراء (عليها السلام) من الاحترام ما جعل الناس في عجب من أمره، حيث كان (صلى الله عليه وآله وسلم) مع ما يحظى به من شرف ومقام، كان يقبل يد الزهراء (عليها السلام)، وعندما يعود من السفر يذهب إليها قبل أي أحد. وعندما يريد السفر كان بيت فاطمة الزهراء (عليها السلام) آخر بيت يودعه.
وحينما أخبر بولادة الزهراء (عليها السلام)، رأى الإنقباض في وجوه أصحابه فقال على الفور: " ما لكم! ريحانة أشمها، ورزقها على الله عز وجل " (1).
وفي حديث أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: " نعم الولد البنات، ملطفات، مجهزات، مؤنسات، مفليات " (2).
وفي حديث آخر: " من دخل السوق فاشترى تحفة فحملها إلى عياله كان كحامل الصدقة إلى قوم محاويج، وليبدأ بالإناث قبل الذكور، فإنه من فرح ابنته

1 - وسائل الشيعة، ج 15 ص 102.
2 - وسائل الشيعة، ج 15، ص 100.
(٢٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 218 219 220 221 222 223 224 225 226 227 228 ... » »»