والآية الأولى (61) تجيب بالقول: ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة (1).
" الدابة ": يراد بها كل كائن حي، ويمكن أن يراد بها هنا (الإنسان) خاصة بقرينة (بظلمهم).
أي: إن الله لو يؤاخذ الناس على ما ارتكبوه من ظلم لما بقي إنسان على سطح البسيطة.
ويحتمل أيضا إرادة جميع الكائنات الحية، لعلمنا بأن هذه الكائنات إنما خلقت وسخرت للإنسان كما يقول القرآن في الآية (29) من سورة البقرة: هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا، فعندما يذهب الإنسان فسينتفي سبب وجود الكائنات الأخرى وينقطع نسلها.
وهنا يواجهنا السؤال التالي: لو نظرنا إلى سعة مفهوم الآية وعموميتها فإنها تدل في النتيجة على أنه لا يوجد على الأرض إنسان غير ظالم، فالكل ظالم كل حسب قدره وشأنه، ولو نزل العذاب الفوري السريع والحال هذه لما بقي إنسان على سطح الأرض... مع إننا نعلم أن هناك من لا يصدق عليه هذا المعنى، فالأنبياء والأئمة المعصومون (عليهم السلام) خارجون عن شمولية هذا المعنى، بل في كل زمان ومكان ثمة من تزيد حسناته على سيئاته من الصالحين المخلصين والمجاهدين ممن لا يستحقون العذاب المهلك أبدا..
والجواب على ذلك أن الآية تبين حكما نوعيا وليس حكما عاما شاملا للجميع ونظير ذلك كثير في الأدب العربي.
ومن الشواهد على ذلك: الآية (32) من سورة فاطر حيث تقول: ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنه سابق