الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ٨ - الصفحة ١٩١
وإن كان من الممكن أن يقوم بعض المنكرين اللجوجين بإطلاق الأكاذيب في بعض مواقف يوم القيامة لأجل تبرئة أنفسهم، إلا أن ذلك سيكون أمرا استثنائيا عابرا.
وهذا يشبه إلى حد ما إنكار المجرم لجريمته ابتداءا عند المحاكمة، ولكنه سرعان ما ينهار ويرضخ للحقيقة عندما تعرض عليه مستمسكات جريمته المادية التي لا تقبل إدانة غيره أبدا، وهكذا فإن ظهور الحقائق في يوم القيامة يكون أوضح وأجلى من ذلك.
ومع أن أهداف حياة ما بعد الموت (عالم الآخرة) عديدة وقد ذكرتها الآيات القرآنية بشكل متفرق مثل: تكامل الإنسان، إجراء العدالة الإلهية، تجسيد هدف الحياة الدنيا، الفيض واللطف الإلهيين وما شابه ذلك.. إلا أن الآية مورد البحث أشارت إلى هدف آخر غير الذي ذكر وهو: رفع الاختلافات وعودة الجميع إلى التوحيد.
ونعتقد أن أصل التوحيد من أهم الأصول التي تحكم العالم، وهو شامل يصدق على: ذات وصفات وأفعال الله عز وجل، عالم الخليقة والقوانين التي تحكمه، وكل شئ في النهاية يجب أن يعود إلى هذا الأصل.
ولهذا فنحن نعتقد بوجود نهاية لكل ما تعانيه البشرية على الأرض - الناشئة من الاختلافات المنتجة للحروب والصدامات - من خلال قيام حكومة واحدة تحت ضلال قيادة الإمام المهدي " عجل الله تعالى فرجه الشريف " لأنه يجب في نهاية الأمر رفع ما يخالف روح عالم الوجود (التوحيد).
أما اختلاف العقيدة فسوف لا يرتفع من هذه الدنيا تماما لوجود عالم الحجب والأستار، ولا ينتهي إلا يوم البروز والظهور (يوم القيامة).
فالرجوع إلى الوحدة وانتهاء الخلافات العقائدية من أهداف المعاد الذي أشارت إليه الآية مورد البحث.
(١٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 ... » »»