الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ٨ - الصفحة ١٨٠
والمستكبرين ويقول بلهجة وعيد وتهديد: ماذا ينتظرون؟ هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أي ملائكة الموت فتغلق أبواب التوبة أمامهم حيث لا سبيل للرجوع بعد إغلاق صحائف الأعمال!
أو هل ينتظرون أن يأتي أمر الله بعذابهم: أو يأتي أمر ربك حيث تغلق أبواب التوبة أيضا ولا سبيل عندها للإصلاح.
فأي فكر يسيرهم، وأي عناد ولجاجة تحكمهم؟!
كلمة " الملائكة " وإن كانت ترمز إلى عنوان عام، إلا أنها في هذا الموقع يقصد منها ملائكة قبض الأرواح انسجاما مع الآيات السابقة التي كانت تتحدث عنهم.
أما عبارة يأتي أمر ربك فمع قبولها لاحتمالات كثيرة في تفسيرها، إلا أن المعنى الراجح هو نزول العذاب، لورود هذا المعنى بالخصوص في آيات مختلفة من القرآن.
ومجموع الجملتين يعني تقريع المستكبرين بأن المواعظ الإلهية وتذكير الأنبياء إن كانت لا توقظكم من غفلتكم فإن الموت والعذاب الإلهي سيوقظكم، ولكن حينئذ لا ينفعكم ذلك الإيقاظ.
ثم يضيف: إن هؤلاء ليس أول من كانوا على هذه الحال والصفة وإنما كذلك فعل الذين من قبلهم وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون.
وسوف يلاقون نتيجة ما كسبت أيديهم من أعمال.
والآية تؤكد مرة أخرى على حقيقة عود الظلم والاستبداد والشر على الظالم المستبد الشرير في آخر المطاف، لأن الفعل القبيح يترك آثاره السيئة على روح ونفسية فاعله، فيسود قبله ويلوث روحه فيفقده الأمان والاطمئنان.
ثم يذكر عاقبة أمرهم بقوله: فأصابهم سيئات ما عملوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزؤن.
" حاق بهم ": بمعنى أصابهم، إلا أن بعض المفسرين كالقرطبي وفريد وجدي
(١٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 ... » »»