ولهذا يقول تعالى مباشرة: كذلك فعل الذين من قبلهم فهل على الرسل إلا البلاغ المبين... يعني.
أولا: أن تقولوا أن الله سكت عن أعمالنا! فإن الله قد بعث إليكم الأنبياء، ودعوكم إلى التوحيد ونفي الشرك.
ثانيا: إن وظيفة الله تعالى والنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ليس هي هدايتكم بالجبر، بل باراءتكم السبيل الحق والطريق المستقيم، وهذا ما حصل فعلا.
أما عبارة كذلك فعل الذين من قبلهم فمواساة لقلب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، بأن لا يحزن ويثبت في قبال ما يواجه من قبل المشركين، وأن الله معه وناصره.
وبعد ذكر وظيفة الأنبياء (البلاغ المبين)، تشير الآية التالية باختصار جامع إلى دعوة الأنبياء السابقين، بقولها: ولقد بعثنا في كل أمة رسولا.
" الأمة ": من الأم بمعنى الوالدة، أو بمعنى: كل ما يتضمن شيئا آخر في دخله، (ومن هنا يطلق على جماعة تربطها وحدة معينة من حيث الزمان أو المكان أو الفكر أو الهدف " أمة ".
ويتأكد هذا المعنى من خلال دراسة جميع موارد استعمال هذه الكلمة في القرآن والبالغة (64) موردا.
ويبين القرآن محتوى دعوة الأنبياء (عليهم السلام)، بالقول: أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت (1).
فأساس دعوة جميع الأنبياء واللبنة الأولى لتحركهم هي الدعوة إلى التوحيد ومحاربة الطاغوت، وذلك لأن أسس التوحيد إذا لم تحكم ولم يطرد الطواغيت من بين المجتمعات البشرية فلا يمكن إجراء أي برنامج إصلاحي.
" الطاغوت ": (كما قلنا سابقا) صيغة مبالغة للطغيان.. أي التجاوز والتعدي