الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ٨ - الصفحة ١٧٧
فيتضح لنا مما قلنا إن الآية للدين أحسنوا إلى آخرها تعبر عن كلام الله عز وجل، ويقوى هذا المعنى عند مقابلتها مع الآيات السابقة.
واحتمل بعض المفسرين أن الظاهر من الكلام يتضمن احتمالين:
الأول: أنه كلام الله.
الثاني: أنه استمرار لقول المتقين.
ثم تصف الآية التالية - بشكل عام - محل المتقين في الآخرة بالقول:
جنات عدن يدخلونها تجري من تحتها الأنهار لهم فيها ما يشاؤون.
فهل ثمة أوسع وصفا من هذا أم أشمل مفهوما لبيان نعم الجنة.
حتى أن التعبير يبدو أوسع مما ورد في الآية (71) من سورة الزخرف وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين، فالحديث في الآية عن ما تشتهيه الأنفس، في حين الحديث في الآية مورد البحث عن مطلق الإشاءة ما يشاؤون.
واستفاد بعض المفسرين من تقديم لهم فيها على ما يشاؤون الحصر، أي يمكن للإنسان أن يحصل على كل ما يشاء في الجنة فقط دون الدنيا.
وقلنا أن الآيات مورد البحث توضح كيفية حياة وموت المتقين مقارنة مع ما ورد في الآيات السابقة حول المشركين والمستكبرين، وقد مر علينا هناك أن الملائكة عندما تقبض أرواحهم يكون موتهم بداية لمرحلة جديدة من العذاب والمشقة، ثم يقال لهم " ادخلوا أبواب جهنم.. ".
وأما عن المتقين: الذين تتوفاهم الملائكة طيبين طاهرين من كل تلوثات الشرك والظلم والاستكبار، ومخلصين من كل ذنب - يقولون سلام عليكم السلام الذي هو رمز الأمن والنجاة.
ثم يقال لهم: ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون.
والتعبير عن موتهم ب‍ تتوفاهم يحمل بين طياته اللطف، ويشير إلى أن
(١٧٧)
مفاتيح البحث: سورة الزخرف (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 ... » »»