ويسأل المؤمنين فيقولون: أنزل الله عليه الخير والهدى.
ما أجمل هذا التعبير وأكمله " خيرا " خير مطلق يشمل كل: صلاح، سعادة، رفاه، تقدم مادي ومعنوي، خير للدنيا والآخرة، خير للإنسان الفرد والمجتمع، وخير في: التربية والتعليم، السياسة والاقتصاد، الأمن والحرية... والخلاصة: خير في كل شئ (لأن حذف المتعلق يوجب عموم المفهوم).
وقد وصفت الآيات القرآنية القرآن الكريم بأوصاف كثيرة مثل: النور، الشفاء، الهداية، الفرقان (يفرق الحق عن الباطل)، الحق، التذكرة، وما شابه ذلك..
ولكن في هذه الآية وردت صفة " الخير " التي يمكن أن تكون مفهوما عاما جامعا لكل تلك المفاهيم الخاصة.
والفرق واضح في نعت القرآن بين المشركين والمؤمنين، فالمؤمنون قالوا:
" خيرا " أي أنزل الله خيرا، وبذلك يظهر اعتقادهم بأن القرآن وحي إلهي (1).
بينما نجد المشركين عندما قيل لهم ماذا أنزل ربكم؟ قالوا: أساطير الأولين وهذا إنكار واضح لكون القرآن وحي إلهي (2).
وتبين الآية مورد البحث نتيجة وعاقبة ما أظهره المؤمنون من اعتقاد، كما عرضت الآيات السابقة عاقبة ما قاله المشركين من عقاب دنيوي وأخروي، ومادي ومعنوي مضاعف: للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة.
وقد أطلق الجزاء بال " حسنة " كما أطلقوا القول " خيرا "، ليشمل كل أنواع الحسنات والنعم في الحياة الدنيا، بالإضافة إلى: ولدار الآخرة خير ولنعم دار المتقين.
وتشارك عبارة " نعم دار المتقين " الإطلاق مرة أخرى وكلمة " خيرا "، لأن الجزاء بمقدار العمل كما وكيفا.