الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ٨ - الصفحة ١٧٣
ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شئ " (1).
وهنا، يواجهنا سؤال.. كيف تنسجم هذه الروايات مع ما يعاضدها من آيات مع الآية (164) من سورة الأنعام ولا تزر وازرة وزر أخرى؟
وتتضح الإجابة من خلال ملاحظة أن هؤلاء ليسوا عن ذنوب الآخرين بل عن ذنوبهم فقط، ولكنهم من خلال اشتراكهم في تحقق ذنوب الآخرين يشاركوهم فيها، اي ان تلك الذنوب تعتبر من ذنوبهم بهذا اللحاظ.
3 2 - التسليم بعد فوات الأوان:
قليل أولئك الذين ينكرون الحقيقة بعد رؤيتها في مرحلة الشهود، ولهذا نجد المذنبين والظالمين يظهرون الإيمان فورا بعد أن تزال عن أعينهم حجب الغفلة والغرور وحصول العين البرزخية في حال ما بعد الموت، كما بينت لنا الآيات السابقة فألقوا السلم.
وغاية ما في الأمر أن الكل مستسلم، ولكن الحديث يختلف من بعض إلى بعض، فقسم منهم يتبرأ من أعماله القبيحة بقولهم: ما كنا نعمل من سوء أي إنهم من كثرة ممارستهم للكذب فقد اختلط بلحمهم ودمهم والتبس عليهم الأمر تماما، فمع علمهم بعدم فائدة الكذب في ذلك المشهد العظيم ولكنهم يكذبون!
ويستفاد من بعض الآيات القرآنية أن هناك من يكذب حتى في يوم القيامة، كما في الآية الثالثة والعشرين من سورة الأنعام: قالوا والله ربنا ما كنا مشركين!
وقسم آخر يظهر الندامة ويطلب العودة إلى لحياة الدنيا لإصلاح أمره، كما

1 - صحيح مسلم، ج 2، ص 704 (باب الحث على الصدقة ولو بشق تمرة).
(١٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 ... » »»