الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ٨ - الصفحة ١٧٠
العلم إن الخزي اليوم والسوء على الكافرين.
ويظهر من خلال ذلك أن المتحدثين يوم القيامة هم العلماء، ولا ينبغي في ذلك المحضر المقدس الحديث بالباطل.
وإذا رأينا في بعض الروايات عن أهل البيت (عليهم السلام) التأكيد على أن العلماء في ذلك المحضر هم الأئمة المعصومون (عليهم السلام) لأنهم أفضل وأكمل مصداق لذلك (1).
ونعاود الذكر لنقول: إن المقصود من السؤال والجواب في يوم القيامة ليس لكشف أمر خفي، بل هو نوع من العذاب الروحي، وذلك إحقاقا للمؤمنين الذين لاقوا اللوم والتوبيخ الشديدين في الحياة الدنيا من المشركين المغرورين.
ويصف ذيل الآية السابقة حال الكافرين بالقول: الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم.
لأن ممارسة الظلم في حقيقتها ظلم للنفس قبل الآخرين، لأن الظالم يتلف ملكاته الوجدانية، ويهتك حرمة الصفات الفطرية الكامنة فيه.
بالإضافة إلى أن الظلم متى ما شاع وانتشر في أي مجتمع، فالنتيجة الطبيعية له أن يعود على الظالمين أنفسهم ليشملهم الحال.
أما حين تحين ساعة الموت ويزول حجاب الغفلة عن العيون فألقوا السلم ما كنا نعمل من سوء.
لماذا ينكرون عملهم القبيح؟ فهل يكذبون لأن الكذب أصبح صفة ذاتية لهم من كثرة تكراره، أم يريدون القول: إننا نعلم سوء أعمالنا، ولكننا أخطأنا ولم تكن لدينا نوايا سيئة فيه؟؟.
يمكن القول بإرادة كلا الأمرين.
ولكن الجواب يأتيهم فورا: إنكم تكذبون فقد ارتكبتم ذنوبا كثيرة: بلى إن

1 - راجع تفسير نور الثقلين، ج 3، ص 50.
(١٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 ... » »»