الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ٨ - الصفحة ١٦٨
فيقع على عاتق القادة قسم من المسؤولية المترتبة على هذه الذنوب " ولا يقلل من وزر الأتباع شئ ".
وتارة أخرى تكون التبعية نتيجة الاستغفال والوقوع تحت شراك وساوس المنحرفين من دون حصول الرغبة عند المتبوعين فيما لو أدركوا حقيقة الأمر، وهو ما يشاهد في عوام الناس عند الكثير من المجتمعات البشرية، (وقد يسلك طريق الضلال بعنوان التقرب إلى الله).. وفي هذه الحال يكون وزر ذنوبهم على عاتق مضليهم بالكامل، ولا وزر عليهم إن لم يقصروا بالتحقق من الأمر.
ولا شك أن المجموعة الأولى التي سارت في طريق الضلال عن علم وبينة من أمرها سوف لا يخفف من ذنوبهم شئ مع ما يلحق أئمتهم من ذنوبهم.
وهنا يلزم ملاحظة أن التعبير " بغير علم " في الآية ليس دليلا على الغفلة الدائمة للمضللين، ولا يعبر عن سقوط المسؤولية - في جميع الحالات - على غير المطلعين بحال وشأن أئمة السوء والضلالة بل يشير إلى سقوط عوام الناس لجهلهم بشكل أسرع من علمائهم في شراك أو شباك المضللين.
ولهذا نرى القرآن في آيات أخرى لا يبرئ هؤلاء الأتباع ويحملهم قسطا من المسؤولية كما في الآيتين (47 و 48) من سورة غافر: وإذ يتحاجون في النار فيقول الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار قال الذين استكبروا إنا كل فيها إن الله قد حكم بين العباد.
ثم تذكر الآية الأخرى أن تهمة وصف الوحي الإلهي بأساطير الأولين ليست بالأمر المستجد: قد مكر الذين من قبلهم فأتى الله بنيانهم من القواعد فخر عليهم السقف من فوقهم وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون.
مع أن بعض المفسرين قد ذهب بالآية إلى قصة " النمرود " وصرحه الذي أراد من خلاله محاربة رب السماء! والبعض الآخر فسرها بقصة " بخت نصر ".. إلا أن الظاهر من مفهوم الآية شمول جميع مؤامرات ودسائس المستكبرين وأئمة
(١٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 ... » »»