الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ٨ - الصفحة ١٦٣
رسول الله لووا رؤوسهم ورأيتهم يصدون وهم مستكبرون.
وكذلك في الآية الثامنة من سورة الجاثية: يسمع آيات الله تتلى عليه ثم يصر مستكبرا كأن لم يسمعها.
ومن أقبح ألوان التكبر ذلك الذي يقف أمام قبول الحق فيرفضه، لأنه يغلق على الإنسان جميع سبل الهداية ويتركه يتخبط في متاهات المعاصي والضلال.
ويصف أمير المؤمنين (عليه السلام) الشيطان بأنه: " سلف المستكبرين " (1) لإنه أول من خطا في طريق مخالفة الحق بعدم تسليمه للحقيقة الربانية التي تقول: إن أدم أكمل منه.
صحيح أن زهو المال قد يوقع الإنسان في حالة الاستكبار، إلا أن المسألة أكبر من ذلك وأشمل، فكل رافض لقبول الحق مستكبر وإن كان فقيرا.
ونختم البحث برواية عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: " ومن ذهب يرى أن له على الآخر فضلا فهو من المستكبرين، فقلت: إنما يرى أن له عليه فضلا بالعافية إذا رآه مرتكبا للمعاصي؟ فقال: هيهات هيهات! فلعله أن يكون قد غفر له ما أتى وأنت موقوف تحاسب، أما تلوت قصة سحرة موسى (عليه السلام) " (2).
(حين وقف السحرة يوما في مقابل موسى (عليه السلام) إرضاء لفرعون وطمعا في جوائزه، ولكنهم انقلبوا فجأة لما تبين لهم الحق واعتنقوه وما هابوا تهديد فرعون، وبقوا على رفضهم في عديم التسليم للطاغية، فكانت النتيجة أن عفا الله عنهم ورحمهم).
* * *

1 - نهج البلاغة، الخطبة القاصعة.
2 - تفسير نور الثقلين، ج 3، ص 48 عن (روضة الكافي).
(١٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 ... » »»