الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ٨ - الصفحة ١٦٠
نعمة، ولا تعرف عن علنكم شيئا مضافا إلى سركم؟!
فهل يصح عبادة من لا يمتلك مستلزمات المعبود؟!
ثم يعود القرآن إلى مسألة الخالقية بأفق أوسع من الآية السابقة: والذين يدعون من دون الله لا يخلقون شيئا وهم يخلقون.
وقد بحث لحد الآن في عدم صلاحية الأصنام لتكون معبودة لأنها ليست خالقة. بل والأكثر من ذلك أنها إضافة لكونها مخلوقة فهي فقيرة ومحتاجة في وجودها، فكيف يلجأ إليها الإنسان لسد حوائجه؟! أوليس ذلك السخف بعينه؟
ومع ذلك كله، فإنها أموات غير أحياء.
أوليس ينبغي أن يكون المعبود حيا (على أقل التقادير) ليكون مطلعا على حاجات عباده؟
إذن... يلزم توفر صفة " الحياة " للمعبود الحقيقي، وهذا ما لا يتوفر في الأصنام.
ثم يضيف قائلا عنها: وما يشعرون أيان يبعثون.
فإذا كان الثواب والعقاب بيد الأصنام. فلا أقل من معرفتها بوقت بعث عبادهن، ومع جهلها بيوم البعث والحساب كيف تكون لائقة للعبادة؟!
وهذه هي الصفة الخامسة التي يجب توفرها في المعبود الحقيقي وتفتقدها الأصنام.
وقلنا مرارا فيما سبق أن مفهوم الصنم وعبادة الأصنام في المنطق القرآني أوسع من أن يحدد بالآلهة المصنوعة من الحجر والخشب والمعادن. فكل موجود نجعله ملجأ لنا مقابل الله عز وجل، ونسلم له أمر مصائرنا، فهو صنم وإن كان بشرا.
ولهذا فكل ما جاء في الآيات أعلاه يشمل الذين يعبدون الله بألسنتهم، ولكن في واقع حياتهم مستسلمون لمعبود ضعيف، وقد تبعوه لكونه المخلص لهم
(١٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 ... » »»