وأما الثاني: فلان التوحيد في الألوهية غير العبادة، فهو مبني على أن الاله بمعنى المعبود، والعبادة من لوازم الاله.
ولكنه بعيد عن الصواب، لان ما يتبادر من لفظ الجلالة هو المتبادر من لفظ الاله، غير أن الأول جزئي موضوع لفرد واحد، والثاني كلي وإن لم يوجد له مصداق آخر.
والذي يدل على أن الاله ليس بمعنى المعبود هو أنه ربما يستعمل لفظ الجلالة مكان الاله على وجه الكلية والوصفية دون العلمية، فيصح وضع أحدهما مكان الآخر، كما في قوله سبحانه: (وهو الله في السماوات وفي الأرض يعلم سركم وجهركم ويعلم ما تكسبون). (1) فإن وزان هذه الآية وزان، قوله سبحانه:
(وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله وهو الحكيم العليم). (2) (ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيرا لكم إنما الله إله واحد سبحانه أن يكون له ولد). (3) (هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون * هو الله الخالق الباري المصور له الأسماء الحسنى يسبح له ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم). (4) ولا يخفى أن لفظ الجلالة في هذه الموارد وما يشابهها يراد منه ما يرادف