نصر من الله وفتح قريب " فلا تغفل.
قوله تعالى: " تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم " الخ، استئناف بياني يفسر التجارة المعروضة عليهم كأنه قيل: ما هذه التجارة؟ فقيل:
" تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون " الخ، وقد أخذ الايمان بالرسول مع الايمان بالله للدلالة على وجوب طاعته فيما أمر به وإلا فالايمان لا يعد إيمانا بالله إلا مع الايمان برسالة الرسول قال تعالى: " إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله - إلى أن قال - أولئك هم الكافرون حقا " النساء: 151.
وقوله: " ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون " أي ما ذكر من الايمان والجهاد خير لكم إن كنتم من أهل العلم وأما الجهلة فلا يعتد بأعمالهم.
وقيل: المراد تعلمون خيرية ذلك إن كنتم من أهل العلم والفقه.
قوله تعالى: " يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجرى من تحتها الأنهار " الخ، جواب للشرط المقدر المفهوم من الآية السابقة أي أن تؤمنوا بالله ورسوله وتجاهدوا في سبيله يغفر لكم، الخ.
وقد أطلقت الذنوب المتعلقة بها المغفرة فالمغفور جميع الذنوب والاعتبار يساعده إذ هذه المغفرة مقدمة الدخول في جنة الخلد ولا معنى لدخولها مع بقاء بعض الذنوب على حاله، ولعله للإشارة إلى هذه النكتة عقبها بقوله: " ومساكن طيبة في جنات عدن " أي جنات ثبات واستقرار فكونها محل ثبات وموضع قرار يلوح أن المغفرة تتعلق بجميع الذنوب.
مضافا إلى ما فيه من مقابلة النفس المبذولة وهي متاع قليل معجل بجنات عدن التي هي خالدة فتطيب بذلك نفس المؤمن وتقوي إرادته لبذل النفس وتضحيتها واختيار البقاء على الفناء.
ثم زاد في تأكيد ذلك بقوله: " ذلك الفوز العظيم ".
قوله تعالى: " وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب " الخ، عطف على قوله:
" يغفر لكم " الخ، و " أخرى " وصف قائم مقام الموصوف وهو خبر لمبتدأ محذوف، وقوله: " نصر من الله وفتح قريب " بيان لأخرى، والتقدير ولكم نعمة أو خصلة أخرى تحبونها وهي نصر من الله وفتح قريب عاجل.