وصد المشركين، وبيعة الشجرة على ما تفصله الآثار وسيجئ شطر منها في البحث الروائي التالي إن شاء الله تعالى.
فغرض السورة بيان ما أمتن الله تعالى على رسوله صلى الله عليه وآله وسلم بما رزقه من الفتح المبين في هذه السفرة، وعلى المؤمنين ممن معه، ومدحهم البالغ، والوعد الجميل للذين آمنوا منهم وعملوا الصالحات، والسورة مدنية.
قوله تعالى: (إنا فتحنا لك فتحا مبينا) كلام واقع موقع الامتنان، وتأكيد الجملة بإن ونسبة الفتح إلى نون العظمة وتوصيفه بالمبين كل ذلك للاعتناء بشأن الفتح الذي يمتن به.
والمراد بهذا الفتح على ما تؤيده قرائن الكلام هو ما رزق الله نبيه صلى الله عليه وآله وسلم من الفتح في صلح الحديبية.
وذلك أن ما سيأتي في آيات السورة من الامتنان على النبي صلى الله عليه وآله وسلم والمؤمنين، ومدحهم والرضا عن بيعتهم ووعدهم الجميل في الدنيا بمغانم عاجلة وآجلة وفي الآخرة بالجنة وذم المخلفين من الاعراب إذ استنفرهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلم يخرجوا معه، وذم المشركين في صدهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومن معه، وذم المنافقين، وتصديقه تعالى رؤيا نبيه صلى الله عليه وآله وسلم، وقوله: (فعلم ما لم تعلموا وجعل من دون ذلك فتحا قريبا) - وكاد يكون صريحا - كل ذلك معان مرتبطة بخروجه صلى الله عليه وآله وسلم إلى مكة للحج وانتهاء ذلك إلى صلح الحديبية. وأما كون هذا الصلح فتحا مبينا رزقه الله نبيه صلى الله عليه وآله وسلم فظاهر بالتدبر في لحن آيات السورة في هذه القصة فقد كان خروج النبي والمؤمنين إلى هذه البغية خروجا على خطر عظيم لا يرجى معه رجوعهم إلى المدينة عادة كما يشير إليه قوله تعالى: (بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول والمؤمنون إلى أهليهم أبدا) والمشركون من صناديد قريش ومن يتبعهم على ما لهم من الشوكة والقوة والعداوة مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم والمؤمنين لم يتوسط بينهم منذ سنين إلا السيف ولم يجمعهم جامع غير معركة القتال كغزوة بدر وأحد والأحزاب، ولم يخرج مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلا شرذمة قليلون - ألف وأربعمائة - لا قدر لهم عند جموع المشركين وهم في عقر دارهم.
لكن الله سبحانه قلب الامر للنبي صلى الله عليه وآله وسلم والمؤمنين على المشركين فرضوا بما لم