كأنه قيل: إذا علمت أن الامر كما ذكر من سعادة هؤلاء وشقاوة أولئك فأثبت على ما أنت عليه من العلم بوحدانية الله سبحانه فمعنى الامر بالعلم على هذا هو الامر بالثبات على العلم.
ويمكن أن يكون تفريعا على ما بينه في الآيتين السابقتين أعني قوله: (ومنهم من يستمع إليك - إلى قوله - وآتاهم تقواهم) من أنه تعالى يطبع على قلوب المشركين ويتركهم وذنوبهم ويعكس الامر في الذين اهتدوا إلى توحيده والايمان به فكأنه قيل:
إذا كان الامر على ذلك فاستمسك بعلمك بوحدانية الاله واطلب مغفرة ذنبك ومغفرة أمتك من المؤمنين بك والمؤمنات حتى لا تكون ممن يطبع الله على قلبه ويحرمه التقوى بتركه ونوبه، ويؤيد هذا الوجه قوله في ذيل الآية: (والله يعلم متقلبكم ومثواكم).
فقوله: (فاعلم أنه لا إله إلا الله) معناه على ما يؤيده السياق فاستمسك بعلمك أنه لا إله إلا الله، وقوله: (واستغفر لذنبك) تقدم الكلام في معنى الذنب المنسوب إليه صلى الله عليه وآله وسلم وسيأتي أيضا في تفسير أول سورة الفتح إن شاء الله تعالى.
وقوله: (وللمؤمنين والمؤمنات) أمر بطلب المغفرة للأمة من المؤمنين والمؤمنات وحاشا أن يأمر تعالى بالاستغفار ولا يواجهه بالمغفرة أو بالدعاء ولا يقابله بالاستجابة.
وقوله: (والله يعلم متقلبكم ومثواكم) تعليل لما في صدر الآية: (فاعلم أنه) الخ، والظاهر أن المتقلب مصدر ميمي بمعنى الانتقال من حال إلى حال، وكذلك المثوى بمعنى الاستقرار والسكون، والمراد أنه تعالى يعلم كل أحوالكم من متغير وثابت وحركة وسكون فاثبتوا على توحيده واطلبوا مغفرته، واحذروا أن يطبع على قلوبكم ويترككم وأهواءكم.
وقيل: المراد بالمتقلب والمثوى التصرف في الحيا الدنيا والاستقرار في الآخرة وقيل: المتقلب هو التقلب من الأصلاب إلى الأرحام والمثوى السكون في الأرض.
وقيل: المتقلب التصرف في اليقظة والمثوى المنام، وقيل: المتقلب التصرف في المعايش والمكاسب والمثوى الاستقرار في المنازل، وما قدمناه أظهر وأعم.
قوله تعالى: (ويقول الذين آمنوا لولا أنزلت سورة) إلى آخر الآية، لولا تحضيضية أي هلا أنزلت سورة يظهرون بها الرغبة في نزول سورة جديدة تأتيهم