محفوظ من مخالطة الشياطين لا اختلاف فيه، ولا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
والقيم هو الذي يقوم بمصلحة الشئ وتدبير أمره كقيم الدار وهو القائم بمصالحها ويرجع إليه في أمورها، والكتاب إنما يكون قيما بما يشتمل عليه من المعاني، والذي يتضمنه القرآن هو الاعتقاد الحق والعمل الصالح كما قال تعالى: " يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم " الأحقاف: 30، وهذا هو الدين وقد وصف تعالى دينه في مواضع من كتابه بأنه قيم قال: " فأقم وجهك للدين القيم " الروم: 43 وعلى هذا فتوصيف الكتاب بالقيم لما يتضمنه من الدين القيم على مصالح العالم الانساني في دنياهم وأخراهم.
وربما عكس الامر فاخذ القيمومة وصفا للكتاب ثم للدين من جهته كما في قوله تعالى: " وذلك دين القيمة: البينة: 5 فالظاهر أن معناه دين الكتب القيمة وهو نوع تجوز.
وقيل: المراد بالقيم المستقيم المعتدل الذي لا إفراط فيه ولا تفريط، وقيل: القيم المدبر لسائر الكتب السماوية يصدقها ويحفظها وينسخ شرائعها وتعقيب الكلمة بقوله:
" لينذر بأسا شديدا من لدنه ويبشر المؤمنين " الخ يؤيد ما قدمناه.
قوله تعالى: لينذر بأسا شديدا من لدنه ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات " الآية أي لينذر الكافرين عذابا شديدا صادرا من عند الله كذا قيل والظاهر بقرينة تقييد المؤمنين المبشرين بقوله: " الذين يعملون الصالحات " أن التقدير لينذر الذين لا يعملون الصالحات أعم ممن لا يؤمن أصلا أو يؤمن ويفسق في عمله.
والجملة على أي حال بيان لتنزيله الكتاب على عبده مستقيما قيما إذ لولا استقامته في نفسه وقيمومته على غيره لم يستقم إنذار ولا تبشير وهو ظاهر.
والمراد بالاجر الحسن الجنة بقرينة قوله في الآية التالية: " ماكثين فيه أبدا " والمعنى ظاهر.
قوله تعالى: " وينذر الذين قالوا اتخذ الله ولدا " وهم عامة الوثنيين القائلين بأن الملائكة أبناء أو بنات له وربما قالوا بذلك في الجن والمصلحين من البشر والنصارى