ما يفيد السياق، وأما قول بعضهم: إن المراد به ما أيده بالجنود يوم الأحزاب ويوم حنين على ما نطقت به الآيات فمما لا دليل عليه من اللفظ البتة.
والامر الثالث: أن المراد بالكلمة في قوله: (وجعل كلمة الذين كفروا السفلى) هو ما قضوا به في دار الندوة وعزموا عليه من قتله صلى الله عليه وآله وسلم وإبطال دعوته الحقة بذلك، وبقوله:
(وكلمة الله هي العليا) هو ما وعد الله نبيه صلى الله عليه وآله وسلم من النصر وإظهار دينه على الدين كله.
ذلك أن هذه بما تتضمنه من قوله: (فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا) تشير إلى ما يقصه قوله تعالى: (وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين (الأنفال: 30، والذي في ذيل الآية من إبطال كلمتهم وإحقاق الكلمة الإلهية مرتبط بما في صدر الآية من حديث الاخراج أي الاضطرار إلى الخروج لا محالة، والذي اضطره صلى الله عليه وآله وسلم إلى الخروج هو عزمهم على قتله حسب ما اتفقوا عليه من القضاء بقتله فهذه هي الكلمة التي أبطلها الله سبحانه وجعلها السفلى وتقابلها كلمة الله وليست إلا النصر والاظهار.
ومن هنا يظهر ان قول بعضهم إن المراد بكلمه الذين كفروا الشرك والكفر، وبكلمة الله تعالى التوحيد والايمان غير سديد فان الشرك وإن كان كلمة لهم، والتوحيد كلمة لله لكنه لا يستلزم كونهما المرادين كلما ذكرت الكلمتان حتى مع وجود القرينة على الخلاف قوله تعالى: (انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون) الخفاف والثقال جمعا خفيف وثقيل، والثقل بقرينة المقام كناية عن وجود الموانع الشاغلة الصارفة للانسان عن الخروج إلى الجهاد نظير كثرة المشاغل المالية وحب الاهل والولد والأقرباء والأصدقاء الذي يوجب كراهة مفارقتهم، وفقد الزاد والراحلة والسلاح ونحو ذلك، والخفة كناية عن خلاف ذلك.
فالامر بالنفر خفافا وثقالا وهما حالان متقابلان في معنى الامر بالخروج على أي حال، وعدم اتخاذ شئ من ذلك عذرا يعتذر به لترك الخروج كما أن الجمع بين الأموال والأنفس في الذكر في معنى الامر بالجهاد باى وسيلة أمكنت.
وقد ظهر بذلك ان الامر في الآية مطلق لا يابى التقييد بالاعذار التي يسقط