وأما بنو النضير فإنهم كادوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذ خرج إليهم في نفر من أصحابه بعد أشهر من غزوة بدر، وكلمهم ان يعينوه في دية نفر أو رجلين من الكلابيين قتلهم عمرو بن أمية الضمري فقالوا: نفعل يا أبا القاسم اجلس هنا حتى نقضي حاجتك، وخلا بعضهم ببعض فتأمروا بقتله واختاروا من بينهم عمرو بن جحاش ان يأخذ حجر رحى فيصعد فيلقه على رأسه ويشدخه به وحذرهم سلام بن مشكم وقال لهم: لا تفعلوا ذلك فوالله ليخبرن بما هممتم به، وإنه لنقض العهد الذي بيننا وبينه.
فجاءه الوحي وأخبره ربه بما هموا به فقام صلى الله عليه وآله وسلم من مجلسه مسرعا وتوجه إلى المدينة ولحقه أصحابه واستفسروه عن قيامه وتوجهه فأخبرهم بما همت به بنو النضير، وبعث إليهم من المدينة ان اخرجوا من المدينة ولا تساكنوني بها، وقد أجلتكم فمن وجدته بعد ذلك بها، منكم ضربت عنقه فأقاموا اياما يتجهزون للخروج.
وأرسل إليهم المنافق عبد الله بن أبي ان لا تخرجوا من دياركم فان معي ألفين يدخلون معكم حصنكم ويموتون دونكم، وينصركم بنو قريظة وحلفاؤكم من غطفان، وأرضاهم بذلك.
فبعث رئيسهم حيى بن أخطب إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: إنا لا نخرج من ديارنا فاصنع ما بدا لك فكبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكبر أصحابه، وأمر عليا عليه السلام بحمل الراية والسير إليهم فساروا وأحاطوا بديارهم، وغدر بهم عبد الله بن أبي، ولم ينصرهم بنو قريظة ولا حلفاؤهم من غطفان.
وقد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمر بقطع نخيلهم وإحراقها فجزعوا من ذلك وقالوا: يا محمد لا تقطع فان كان لك فخذه، وان كان لنا فاتركه لنا. ثم قالوا له بعد أيام: يا محمد نخرج من بلادك فأعطنا أموالنا قال: لا ولكن تخرجون ولكم ما حملت الإبل فلم يقبلوا ذلك وبقوا أياما على ذلك ثم رضوا وسألوه ذلك قال: لا ولكن تخرجون ولا يحمل أحد منكم شيئا، ومن وجدنا معه شيئا من ذلك قتلناه فخرجوا فوقع قوم منهم إلى فدك ووادى القرى، وقوم إلى أرض الشام، وكان مالهم فيئا لله ورسوله من غير أن ينال شيئا من ذلك جيش الاسلام، وقصتهم مذكورة في سورة الحشر، ومن كيد بنى النضير للنبي صلى الله عليه وآله وسلم تخريب الأحزاب من قريش وغطفان وغيرهم عليه صلى الله عليه وآله وسلم.
وأما بنو قريظة فقد كانوا على الصلح والسلم حتى وقعت غزوة الخندق وقد كان