كعلم واجب الوجود بذاته وبالجملة فحقيقة علمه انكشاف ذاته تعالى بذاته على ذاته في الأزل بحيث يستتبع انكشاف معلولاته على ذاته والى هذا يرجع منهج العرفاء الشامخين من كون ذاته ملزومة لأسمائه وكون أسمائه ملزومة للاعيان الثابتة والعلم بالملزوم مستلزم للعلم باللازم وبيانه على ما ذكره صدر المتألهين ان لوجوده تعالى أسماء وصفات هي لوازم ذاته وليس المراد من الأسماء ههنا الفاظ العالم والقادر وغير هما وانما هي أسماء الأسماء في اصطلاحهم ولا أيضا المراد بالصفات ما هي اعراض زايدة على الذات بل المراد المفهومات الكلية كمعاني المهيات وكثيرا ما يطلق الصفة في كلام الحكماء ويراد بها ما يشمل المهية أيضا كما يذكر في المنطق الوصف العنواني ويراد به المفهوم الكلى الصادق على الموضوع بحسب عقد الوضع سواء كان ذاتيا كقولنا الانسان كذا أو عرضيا كقولنا الكاتب كذا وكذا ما ذكر في كتاب اثولوجيا من قوله في العقل يوجد جميع صفات الأشياء انما المراد بها ما يشمل المهيات ويقابل الوجودات فالصفة والذات في هذا الاصطلاح كالمهية والوجود أقول والمتكلمون أيضا يطلقون الصفة النفسية ويعرفونها تارة بما ينتفى الذات بانتفائه كسوادية السواد وتارة بما يقع به التماثل بين المتماثلين والتخالف بين المتخالفين ويعبر الحكيم عنها بصفة الجنس ثم قال س وكذا المراد باللازم ما يشمل الذاتي والفرق بين الاسم والصفة في عرفهم كما يفرق في تعاليم الحكماء بين قولنا الواحد بمعنى الشئ الواحد كالخط الواحد وقولنا الواحد بمعنى نفس الواحد فقط وهذا كالفرق بين البسيط والمركب من حيث الاعتبار فنقول ما من موجود متأصل الاد هو بحسب هوية الوجودية مصداق محمولات كثيرة مع قطع النظر عما يعرضه ويلحقه من العوارض اللازمة والمفارقة فان المحمولات التي يحمل عليه بحسب هذه الأمور ليس مصداقها والمحكى بها عنه هو نفس الهوية الوجودية له ثم لا يخفى ان المحمولات الذاتية متكثرة والوجود واحد وهي طبايع كلية والوجود هوية شخصية ولا يخفى أيضا على من له بصيرة ان الوجود كلما كان أكمل وأشد كان فضائله الذاتية أكثر والمحمولات المحاكية عنها أوفر إذ له بحسب كل درجه في الكمال اثار مخصوصة هي مبداها لذاته فيصدق عليه معنى معقول من تلك الحيثية الذاتية وكلما يصدق من المعقولات على شئ بحسب حيثية في ذاته كان حكمه حكم المهية والذاتيات في كونها متحدة في الوجود موجودة بوجود الذات فمن عرف تلك الهوية الوجودية كما هي عليه عرف معها جميع تلك المحمولات المتعددة بنفس ذلك العرفان لا بعرفان مستأنف فاذن لما كان ذاته تعالى
(١٨)