الرحمن اسم للحق تعالى باعتبار الجمعية الأسمائية التي في الحضرة الإلهية الفايض منه الوجود وما يتبعه من الكمالات على جميع الممكنات والرحيم اسم له باعتبار فيضان الكمالات المعنوية على أهل الايمان كالمعرفة والتوحيد بيان ذلك ان للوجود مراتب الوجود الحق والوجود المطلق والوجود المقيد فالوجود الحق هو الوجود المجرد عن جميع الألقاب والأوصاف والنعوت حتى عن هذا الوصف والوجود المقيد اثره كوجود الملك والفلك والوجود المطلق هو فعله وصنعه وفى كل بحسبه وبذاته لا عقل ولا نفس ولا مثال ولا طبع ولما كان بذاته عاريا عن احكام المهيات والأعيان يسمى بالفيض المقدس كما أن ظهور الذات بالأسماء والصفات في المرتبة الواحدية يسمى بالفيض الأقدس وهذا الوجود المطلق عرش الرحمن والماء الذي به حياة كل شئ وكلمة كن التي أشار إليها أمير الموحدين في خطب نهج البلاغة بقوله انما يقول لما أراد كونه كن فيكون لا بصوت يقرع ولا بنداء يسمع وانما كلامه سبحانه فعله ويسمى برزخ البرازخ والحقيقة المحمدية والنفس الرحماني والرحمة الواسعة المشار إليها في دعاء كميل اللهم إني أسئلك برحمتك التي وسعت كل شئ ووجه الله الباقي بعد فناء كل شئ وما ورد ان كلام الله لا خالق ولا مخلوق إشارة إلى هذا فان العقل الصريح والبرهان الصحيح يدلنا على التثليث الآمر والامر والمؤتمر والصانع والصنع والمصنوع فالمتكلم هو الموجود الحق وكلمة كن تعبير عن هذا الوجود المطلق ويكون تعبير عن الوجود المقيد والمهية ولما كان برزخا بين الطرفين لم يكن صانعا ولا مصنوعا بل صنعا ولما كان كالمعنى الحرفي لم يصر موضوعا لحكم بل هو داخل في صقع الربوبية بل الحروف أطلقت على مرتبة منه أعني العقول في العيون مخاطبا لعمران المتكلم الصابي بقوله (ع) اعلم أن لا بداع والمشية والإرادة معناها واحد وأسماؤها ثلثة وكان أول ابداعه ومشيته و ارادته الحروف التي جعلها أصلا لكل شئ ودليلا على كل مدرك وفاصلا لكل مشكل وبتلك الحروف تعرف كل شئ من اسم حق وباطل وفاعل أو مفعول ومعنى أو غير معنى وعليها اجتمعت الأمور كلها ولم يجعل للحروف في ابداعه لها معنى غير أنفسها يتناهى ولا وجود لها لأنها مبدعة بالابداع فأقول مستمدا من جنابهم إذ عطاياهم لا يحمل الا مطاياهم الابداع والمشية والإرادة هذا الوجود الذي نتكلم فيه كما ورد ان الله خلق المشية بنفسها
(٧)