شخصيته بالقوة ولو كان العظم قادحا في التشخص والصغر مؤكدا له لم يكن واقفا عند حد إذ كل حد من الصغر تفرض يتصور أصغر منه لأنه كما أن الكم المنفصل وهو العدد لا نهاية له في الزيادة كذلك الكم المتصل قارا كان أو غير قار لا نهاية له في النقصان لبطلان الجزء بأدلة قطعية مذكورة في موضعه والحاصل ان العالم الجسماني بجميع ما فيه وما معه كله واجزائه وكليه وجزئياته حادث إذ لا وجود للكلي الطبيعي بدون جزئياته وللكل سوى اجزائه وهي كلها كما عرفت سيالات وما يشاهد يتزائى من بقاء ما وقرار ما فإنما هو في العقل باعتبار ان التوسط بين الحدود الفرضية راسم للامتداد المسمى بالحركة القطعية في الخيال فنسبة القرار والثبات إليه من باب خلط الاحكام الذهنية بالخارجية كما أن نسبة الأجزاء الموجودة بالفعل التي يفرضها الذهن إليه من هذا الباب فالعالم حادث بمعنى نفس الحدوث كالأبيض الحقيقي والمضاف الحقيقي لا ذات له الحدوث كالأبيض والمضاف المشهورين إذ الاعراض والطبايع والصور كما علمت سيالات والهيولي كما انها مع المتصل متصلة ومع المنفصل منفصلة كذلك سيالة بسيلان الصور الحالة فيها نعم لو كان السيلان في اعراض العالم لا في جواهره لأمكن ان يقال العالم حادث بمعنى ذو الحدوث وليس فليس لكن لما كان لكل شئ وجهان وجه إلى الرب ووجه إلى النفس وهذا الذي قرع سمعك كان حكمها باعتبار وجهها إلى النفس فاعلم أن لها ثباتا باعتبار وجهها إلى الرب لكن هذا الثبات والبقاء انما هو لوجه الله تعالى لا دخل له بالأشياء وهذا هو المصحح لان يق هذا هو الذي كان في الزمان القبل والمصحح لبقاء الموضوع في الحركة وبهذا الاعتبار التفاوت في الانسان الكبير كتفاوت الانسان الصغير بحسب مراتب الأسنان من سن النمو وسن الوقوف وسن الكهولة وسن الشيخوخة فوجه الله أصله المحفوظ ونسخة الباقي وقد يطلق الحادث ويراد به الذاتي وهو ما يسبق وجوده بالعدم الذاتي أعني العدم المجامع الذي يسبق على وجود الممكن سبقا بالتجوهر إذ الممكن من ذاته ان يكون ليس وله من علته ان يكون ايس وما بالذات مقدم بالذات على ما بالغير وهذا الحدوث يشمل كل ما له مهية امكانية خالية في ذاتها عن الوجود والعدم وهذا الخلو يعبر عنه بالليسية الذاتية وعن مسبوقية وجودها بهذه الليسية يعبر بالحدوث الذاتي فكما ان الكائنات كزيد مثلا حادثة بهذا المعنى لكونها مسبوقة الوجود بالعدم في مقام ذاتها
(١٤)