في النار عقابه سبحانك الخ يا من إليه يهرب الخائفون هرب هربا بالتحريك ومهربا وهربا نافر يا من إليه يفزع المذنبون فزع إليه أي استغاث يا من إليه يقصد المنيبون ناب وأناب إلى الله أي تاب يا من إليه يرغب الزاهدون الزهد ضد الرغبة وللزهاد درجات فمن زاهد يزهد في الدنيا ومن زاهد يزهد في الآخرة ومن زاهد يزهد فيما سوى شهود جمال الذات وإن كانت محاسن الصفات ليشاهد ذلك الجمال بلا مشاهدة مزاحمة كل التعينات وأشار تعالى إلى الزهد بقوله لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما أتاكم وبقوله لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا يا من إليه يلجأ المتحيرون يا من به يستأنس المريدون عرف أهل السلوك الإرادة بأنها جمرة من نار المحبة تنقدح في القلب مقتضية لإجابة دواعي الحقيقة يا من به يفتخر المحبون بالمحبة الحقيقية التي هي محبة ذات الله تعالى وصفاته وافعاله من حيث هي أفعاله وكيف لا يفتخرون به وكل جمال وجلال وزينة وكمال تحلت وتزينت بها المحبوبات الأخر رشحات من جماله وجلاله وجميعها منه وبه وله واليه ومستعارة منه لها وودايع عندها ولا بد يوما ان يرد الودايع وان كنت في ريب مما تلونا عليك فتحقق بمقام شهود المفصل في المجمل وشهود المجمل في المفصل حتى تشاهد ما يشاهدون وتحب ما يحبون وتفتخر بما يفتخرون وترى ان حال الناس في ابتهاجاتهم بمرخوباتهم ومحبوباتهم حيث حرموا عن الغبطة العظمى واثروا الغبن الأفحش وراموا عنه بدلا لا نسبة بينهما في الجامعية والدوام بالقياس إلى حال هؤلاء المحبين العارفين كحال الصبيان في الالتذاذ باللعب بالصولجان ونحوه بالنسبة إلى حال الرجال البالغين في ابتهاجهم بأغراضهم ورياساتهم ونعم ما قيل آنجا كه پيشكاه حقيقت شود پديد شرمنده رهروى كه عمل بر مجاز كرد ثم إنه كما أن السالك يتدرج في الكمال فيصير أولا منيبا إلى الله ثم زاهدا ثم واقعا في الحيرة والهيمان ثم مريدا ثم محبا كذلك أسند الافعال المتدرجة إليهم من القصد والرغبة واللجاء والاستيناس والافتخار بالترتيب في هذه الأسماء الحسنى ثم إن المحبة والعشق والشوق والإرادة والميل والابتهاج ونحوها روح معانيها واحد كما قيل نيست فرقى در ميان حب وعشق شام در معنى نباشد جز دمشق الا ان الشرع لم يستعمل لفظ العشق كثيرا والسر في ذلك ان النبي بما هو نبي شانه الاتيان بالآداب وتنظيم عالم الكثرة والعشق شيمته التخريب والوحدة
(١٦٢)