الأمراض المغيرة لها عن استقامتها يحكم بان الأمور المتخالفة من حيث كونها متخالفة بلا حيثية جامعة فيها لا يكون مصداقا لحكم واحد ومحكيا عنها به نعم يجوز ذلك إذا كانت الأمور متماثلة من جهة كونها متماثلة كالحكم على زيد وعمرو بالإنسانية من جهة اشتراكهما في تمام المهية لا من حيث عوارضهما المختلفة المشخصة أو كانت مشتركة في ذاتي من جهة كونها كذلك كالحكم على الانسان والفرس بالحيوانية من جهة اشتمالهما على تلك الحقيقة الجنسية أو في عرضي كالحكم على الثلج والعاج بالأبيضية من جهة اتصافهما بالبياض أو كانت متفقة في أمر خارج نسبي كالحكم على مقولات الممكنات بالوجود من حيث انتسابها إلى الوجود الحق عند من يجعل وجود الممكنات أمرا عقليا انتزاعيا وموجوديتها باعتبار نسبتها إلى الوجود القائم بذاته أو كانت متفقة في مفهوم سلبى كالحكم على ما سوى الواجب تعالى بالامكان لاشتراكهما في سلب ضرورتي الوجود والعدم لذواتها واما ما سوى أشباه تلك الوجوه فلا يتصور الحكم فيها بأمر مشترك بلا جهة جامعة ذاتية أو عرضية فإذا حكمنا على أمور متباينة الذوات بحكم واحد بحسب مرتبة ذواتها في أنفسها بلا انضمام أمر اخر فلابد هناك من ما به الاتفاق وما به الاختلاف الذاتيين فيها فيلزم التركيب بحسب جوهر الذات انتهى وقال في الهيات هذا الكتاب هذه الشبهة شديدة الورود على أسلوب المتأخرين القائلين باعتبارية الوجود حيث إن الامر المشترك بين الموجودات ليس عندهم الا هذا الامر الانتزاعي وليس للوجود المشترك فيه فرد حقيقي عندهم لا في الواجب ولا في الممكن واطلاق الوجود الخاص على الواجب عندهم ليس الا بضرب من الاصطلاح حتى اطلقوا هذا اللفظ على أمر مجهول الكنه واما على ما حققناه من أن هذا المفهوم الانتزاعي له افراد حقيقية نسبته إليها نسبة العرض العام إلى الافراد والأنواع فليست قوية الورود بل يمكن دفعها بأدنى تأمل ثم ذكر الجواب أقول هذه الشبهة قوية الورود أيضا على القائلين بالاشتراك اللفظي في الوجود حذرا من لزوم السنخية بين وجودي العلة والمعلول وعلى من يقول من المشائين بان الوجود حقايق متباينة بناء على ظواهر أقوالهم وقوة ورود ها على أسلوب أهل الاعتبار لأجل ان المهيات حيثية ذواتها حيثية التكثر والتخالف بحيث يسرى إلى الوجود كما قالوا إن الوجود يتكثر بتكثر الموضوعات ويتخالف بتخالفها وبه وجه قول المشائية في الشواهد فيمكن القول بمهيتين بسيطتين مختلفتين بتمام الذات بخلاف الوجود والجواب التفصيلي عن أصل الشبهة ان يقال من رأس لو كان هناك واجبان فلا يخلو إما ان يكون وجوب الوجود عينا فيهما ومع ذلك يمتاز كل واحد منهما عن الأخر بذاتهما
(١٢٩)