التفسير الصافي - الفيض الكاشاني - ج ٦ - الصفحة ٥٦٠
ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون 57 إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين 58 عليه طاعته (1).
وعن الصادق (عليه السلام): إنه سئل عن هذه الآية فقال: خلقهم ليأمرهم بالعبادة، قيل: قوله تعالى: " ولا يزالون مختلفين * إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم "، قال: خلقهم ليفعلوا ما يستوجبون به رحمته فيرحمهم (2).
والقمي: قال: خلقهم للأمر والنهي والتكليف، وليست خلقة جبران يعبدوه، ولكن خلقة اختيار ليختبرهم بالأمر والنهي، ومن يطع الله ومن يعصي (3).
وفي حديث آخر: هي منسوخة بقوله: " ولا يزالون مختلفين " (4).
والعياشي: عنه (عليه السلام) إنه سئل عنها قال: خلقهم للعبادة، قيل: قوله: " ولا يزالون مختلفين * إلا من رحم ربك "، فقال: نزلت هذه بعد تلك (5).
أقول: لما كان خلق العالم إنما هو للإمام الذي لا تخلوا الأرض منه، وخلق الإمام إنما هو للعبادة الناشئة من المعرفة المورثة لمعرفة أخرى كما حقق في محله، صح أن يقال: خلق الجن والإنس إنما هو لحصول العبادة، ولما كان الكل داخلا تحت التكليف والعبادة مطلوبة من الكل اختيارا واختبارا وإن لم يأتمر الكل بسوء اختيار بعضهم جاز أن يقال: خلقهم إنما هو للتكليف بها، ولما صاروا مختلفين وتمرد أكثرهم عن العبادة بعد كونهم جميعا مأمورين بها جاز أن يقال:
هذه منسوخة بتلك، فالأخبار كلها متلائمة غير مختلفة، ولا نسخ في الحقيقة بالمعنى المعهود منه، فليتدبر.
* (ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون) *: كما هو شأن السادة مع

١ و ٢ - علل الشرائع: ص ٩ و ١٣، ح ١ و ١٠، باب ٩ - علة خلق الخلق واختلاف أحوالهم.
٣ - تفسير القمي: ج ٢، ص ٣٣١، س ٣.
٤ - تفسير القمي: ج ٢، ص ٣٣١، س ٥.
٥ - تفسير العياشي: ج ٢، ص 164، ح 83.
(٥٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 551 552 553 554 555 556 557 558 559 560 561 » »»