التفسير الصافي - الفيض الكاشاني - ج ٢ - الصفحة ٥٤
أصحاب موسى فنكثوا البيعة واتبعوا العجل سنة بسنة ومثلا بمثل واتصلت التلبية ما بين مكة والمدينة.
فلما وقف بالموقف أتاه جبرئيل عن الله تعالى فقال يا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) إن الله تعالى يقرؤك السلام ويقول لك إنه قد دنا أجلك ومدتك وأنا مستقدمك على ما لا بد منه ولا عنه محيص فاعهد عهدك (1) وقدم وصيتك واعمد إلى ما عندك من العلم وميراث علوم الأنبياء من قبلك والسلاح والتابوت وجميع ما عندك من آيات الأنبياء فسلمها إلى وصيك وخليفتك من بعدك حجتي البالغة على خلقي علي بن أبي طالب (عليه السلام) فأقمه للناس علما وجدد عهده وميثاقه وبيعته وذكرهم ما أخذت عليهم من بيعتي وميثاقي الذي واثقتهم به وعهدي الذي عهدت إليهم من ولاية ولي ومولاهم ومولى كل مؤمن ومؤمنة علي بن أبي طالب (عليه السلام) فإني لم أقبض نبيا من الأنبياء إلا من بعد إكمال ديني واتمام نعمتي بولاية أوليائي ومعاداة أعدائي وذلك كمال توحيدي وديني وإتمام نعمتي على خلقي باتباع ولي وطاعته وذلك أني لا أترك أرضي بلا قيم ليكون حجة لي على خلقي فاليوم أكملت لكم دينكم الآية بولاية ولي ومولى كل مؤمن ومؤمنة علي عبدي ووصي نبي والخليفة من بعده وحجتي البالغة على خلقي مقرون طاعته بطاعة محمد (صلى الله عليه وآله) نبي ومقرون طاعته مع طاعة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) بطاعتي من اطاعه فقد أطاعني ومن عصاه فقد عصاني جعلته علما بيني وبين خلقي من عرفه كان مؤمنا ومن أنكره كان كافرا ومن أشرك بيعته كان مشركا ومن لقيني بولايته دخل الجنة ومن لقيني بعداوته دخل النار فأقم يا محمد عليا صلوات الله عليهما علما وخذ عليهم البيعة وجدد عليهم عهدي وميثاقي الذي واثقتهم عليه فإني قابضك إلي ومستقدمك علي.
فخشي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قومه وأهل النفاق والشقاق أن يتفرقوا ويرجعوا جاهلية لما عرف من عدواتهم ولما تنطوي عليه أنفسهم لعلي (عليه السلام) من

(1) فاعهد عهدك أي أوص وصيتك واستعمال العهد في الوصية والعكس فوق حد الإحصاء في الآيات والأخبار وغيرهما كقوله تعالى وعهدنا إلى آدم وعهدنا إلى إبراهيم وغير ذلك.
(٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 ... » »»
الفهرست