التفسير الصافي - الفيض الكاشاني - ج ٢ - الصفحة ٤٨
(59) قل يا أهل الكتاب هل تنقمون منا هل تنكرون منا وتعيبون إلا أن آمنا بالله وما انزل الينا وما انزل من قبل بالكتب المنزلة كلها وان أكثركم فاسقون وبأن أكثركم خارجون عن أمر الله طلبا للرياسة وحسدا على منزلة النبوة.
(60) قل هل أنبئكم بشر من ذلك المنقوم يعني إن كان ذلك شرا عندكم فأنا أخبركم بشر منه مثوبة جزاء ثابتا عند الله والمثوبة مختصة بالخير كالعقوبة بالشر وضعت هيهنا موضعها على طريقة قوله سبحانه فبشرهم بعذاب أليم من لعنه الله أبعد من رحمته وغضب عليه وسخط عليه بكفره وانهماكه في المعاصي بعد وضوح الآيات وجعل منهم القردة والخنازير مسخهم وعبد الطاغوت وقرء (1) بضم الباء وجر التاء ومن عبد الطاغوت وهو الشيطان وكل من عبد من دون الله قيل من جعل القردة هم أصحاب السبت والخنازير كفار أهل مائدة عيسى على نبينا و (عليه السلام) وقيل إنهما معا أصحاب السبت مسخ شبانهم قردة وشيوخهم خنازير ومن عبد الطاغوت أصحاب العجل ويأتي ما ورد في ذلك في هذه السورة أولئك الملعونون شر مكانا وأضل عن سواء السبيل عن قصد الطريق المتوسط بين غلو النصارى وغلو اليهود والمراد بصيغتي التفضيل الزيادة مطلقا لا بالإضافة إلى المؤمنين.
(61) وإذا جاؤكم قالوا آمنا القمي نزلت في عبد الله بن أبي وقد دخلوا بالكفر وهم قد خرجوا به يخرجون من عندك كما دخلوا لا يؤثر فيهم ما سمعوا منك والله أعلم بما كانوا يكتمون من الكفر فيه وعيد لهم.
(62) وترى كثيرا منهم يسارعون في الإثم المعصية والعدوان تعدى حدود الله وأكلهم السحت الحرام كالرشوة لبئس ما كانوا يعملون.

(١) أي وقرأ حمزة وحده قال أبو علي حجته في قراءته أنه يحمله على ما عمل فيه جعل كأنه وجعل فيهم عبد الطاغوت ومعنى جعل خلق كقوله وجعل الظلمات والنور وجعل عنها زوجها وليس عبد جمع لفظ لأنه ليس من أبنية الجموع شئ على هذا البناء ولكنه واحد يراد به الكثرة الا ترى ان في الأسماء المفردة المضافة إلى المعارف ما لفظه لفظ الأفراد ومعناه الجمع كما في قوله وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها ولان بناء فعل يراد به المبالغة والكثرة نحو يقظ وندس فكان تقديره أنه قد ذهب في عبادة الطاغوت كل مذهب وتكرر ذلك له ومن فتح فقال وعبد الطاغوت فإنه عطف على بناء الماضي الذي في الصلة وهو قوله لعنه الله وافرد الضمير في عبد وإن كان المعنى فيه الكثرة لان الكلام محمول على لفظه دون معناه وفاعله ضمير من كما أن فاعل الأمثلة للمعطوف عليه ضمير من فأفرد لحمل ذلك جمعا على اللفظ ولو حمل الكل على المعنى أو البعض على المعنى أو البعض على اللفظ والبعض على المعنى لكان مستقيما.
(٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 ... » »»
الفهرست