فذهب عنهم مغاضبا فلما فقدوه خافوا نزول العذاب فلبسوا المسوح وعجوا وبكوا فصرف الله عنهم العذاب، وكان قد نزل وقرب منهم.
والعياشي: عن أبي عبيدة الحذاء، عن الباقر عليه السلام قال: كتب أمير المؤمنين عليه السلام قال: حدثني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن جبرئيل حدثه أن يونس بن متى عليه السلام بعثه الله إلى قومه وهو ابن ثلاثين سنة وكان رجلا تعتريه الحدة وكان قليل الصبر على قومه والمداراة لهم، عاجزا عما حمل من ثقل حمل أوقار (1) النبوة وأعلامها وانه تفسخ تحتها كما يتفسخ الجذع تحت حمله وأنه أقام فيهم يدعوهم إلى الايمان بالله والتصديق به واتباعه ثلاثا وثلاثين سنة، فلم يؤمن به ولم يتبعه من قومه إلا رجلان اسم أحدهما روبيل، واسم الآخر تنوخا، وكان روبيل من أهل بيت العلم والنبوة والحكمة، وكان قديم الصحبة ليونس بن متى عليه السلام من قبل أن يبعثه الله بالنبوة، وكان تنوخا رجلا مستضعفا عابدا زاهدا منهمكا في العبادة، وليس له علم ولا حكم، وكان روبيل صاحب غنم يرعاها ويتقوت منها، وكان تنوخا رجلا حطابا يحتطب على رأسه ويأكل من كسبه، وكان لروبيل منزلة من يونس غير منزلة تنوخا لعلم روبيل وحكمته، وقديم صحبته، فلما رأى يونس أن قومه لا يجيبونه ولا يؤمنون ضجر وعرف من نفسه قلة الصبر فشكا ذلك إلى ربه وكان فيما شكا أن قال: يا رب إنك بعثتني إلى قومي ولي ثلاثون سنة، فلبثت فيهم أدعوهم إلى الايمان بك، والتصديق برسالتي، وأخوفهم من عذابك ونقمتك ثلاثا وثلاثين سنة، فكذبوني ولم يؤمنوا بي، وجحدوا نبوتي واستخفوا برسالتي، وقد توعدوني وخفت أن يقتلوني، فأنزل عليهم عذابك فإنهم قوم لا يؤمنون، قال: فأوحى الله إلى يونس أن فيهم الحمل والجنين والطفل، والشيخ الكبير، والمرأة الضعيفة، والمستضعف المهين، وأنا الحكم العدل، سبقت رحمتي غضبي، لا أعذب الصغار بذنوب الكبار من قومك، وهم يا يونس عبادي وخلقي وبريتي في بلادي، وفي عيلتي أحب أن أتأناهم وأرفق بهم وأنتظر توبتهم، وإنما بعثتك إلى قومك لتكون حفيظا عليهم تعطف عليهم بسجال الرحمة