قوله تعالى (قل إني لا أملك لكم ضرا ولا رشدا) قال فيه: (معناه: أي لا أستطيع أن أنفعكم أو أضركم إنما النافع والضار الله عز وجل الخ) قال أحمد: في الآية دليل بين على أن الله تعالى هو الذي يملك لعباده الرشد والغى أن يخلقهما لا غير، فإن النبي صلى الله عليه وسلم إنما سلب ذلك عن قدرته ليمحض إضافته إلى قدرة الله وحده، وفطن الزمخشري لذلك فأخذ يعمل الحيل، فتارة يحمل الرشد على مطلق النفع فيضيف ذلك إلى الله تعالى، وتارة يكنع عنه لان فيه إبطالا لخصوصية الرشد المنصوص عليه في الآية فيثور له من تقليده الرأي الفاسد ثوائر تصرفه عن الحق، وعن اعتقاده أن الله تعالى هو الذي يخلق الرشد لعبيده مقارنا لاختيار هم فيدخل زيادة القسر، لان معنى ما ورد من إضافة الرشد إلى قدرة الله تعالى عندهم أنه يخلق أن يخضع لها الرقاب فيخلق العبد لنفسه عند ظهورها راشدا فيضاف إلى قدرة الله تعالى لأنه خلق السبب وهو في الحقيقة مخلوق بقدرة العبد، هذه قاعدة القدرية وعقيدتهم. وما الجن بعد هذا إلا أوفر منهم عقلا وأسد منهم نظرا لانهم قالوا - وإنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا - فأضافوا الرشد نفسه إلى إرادة الله عز وجل وقدرته. عاد كلامه.
قوله تعالى (قل إني لن يجيرني من الله أحد) الآية. قال فيه (هو اعتراض، وقوله إلا بلاغا استثناء من قوله لا أملك:
أي لا أملك لكم إلا بلاغا، وقيل بلاغا بدل من ملتحدا الخ) قال أحمد: فيكون تقدير الكلام بلاغا من الله مستفادا.