الإنصاف فيما تضمنه الكشاف - ابن المنير الإسكندري - ج ٣ - الصفحة ٤
كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى) قال (يقال مرضع على النسب ومرضعة على أصل اسم الفاعل) قال أحمد: والفرق بينهما أن وروده على النسب لا يلاحظ فيه حدوث الصفة المشتق منها ولكن مقتضاه أنه موصوف بها، وعلى غير النسب يلاحظ حدوث الفعل وخروج الصفة عليه، وكذلك هو في الآية لقوله عما أرضعت، فأخرج الصفة على الفعل وألحقه التاء، قال (وقوله - وترى الناس سكارى وما هم بسكارى - أثبت لهم أولا السكر المجازى ثم نفى عنهم السكر الحقيقي) قال أحمد: والعلماء يقولون إن من أدلة المجاز صدق نقيضه، كقولك زيد حمار إذا وصفته بالبلادة، ثم يصدق أن تقول وما هو بحمار فتنفى عنه الحقيقة، فكذلك الآية بعد أن أثبت السكر المجازى نفى الحقيقي أبلغ نفى مؤكد بالباء والسر في تأكيده التنبيه على أن هذا السكر الذي هو بهم في تلك الحالة ليس من المعهود في شئ وإنما هو أمر لم يعهدوا قبله مثله، والاستدراك بقوله - ولكن عذاب الله شديد - راجع إلى قوله - وما هم بسكارى - وكأنه تعليل لاثبات السكر المجازى كأنه قيل: إذا لم يكونوا سكارى من الخمر وهو السكر المعهود فما هذا السكر الغريب وما سببه؟ فقال: سببه شدة عذاب الله تعالى. ونقل عن جعفر بن محمد الصادق رضي الله عنه أنه قال: هو الوقت يقول كل من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فيه نفسي نفسي.
(٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 3 4 12 13 16 18 22 24 25 26 ... » »»