الإنصاف فيما تضمنه الكشاف - ابن المنير الإسكندري - ج ٢ - الصفحة ٤٨٠
الظاهر ببادئ الرأي: ولا تقولن لشئ إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء أن تقول هذا القول، وليس الغرض ذلك وإنما الغرض النهى عن هذا القول إلا مقرونا بقول المشيئة، وليت شعري ما معنى قول الزمخشري في تفسير الآية: كان المعنى إلا أن تعترض المشيئة دونه معتقدا أن مشيئة الله تعالى لا تعترض على فعل أحد، فكم شاء من الأفعال فتركت، وكم شاء من التروك ففعلت على زعم القدرية، فلا معنى على أصلهم الفاسد لتعليق الفعل بالمشيئة قولا وهو غير متعلق بها وقوعا، حتى إن قول القائل: لا أفعل كذا إلا أن يشاء الله أن أفعله: كذب وخلف بتقدير فعله إذا كان من قبيل المباح، لأن الله تعالى لا يشاؤه على زعمهم الفاسد، فما أبعد عقدهم من قواعد الشرع فسحقا سحقا. عاد كلامه، قال (وقوله - واذكر ربك إذا نسيت - أي كلمة الاستثناء، ثم تنبهت لها فتداركها بالذكر. وعن ابن عباس: ولو بعد سنة مالم تحنث، إلى قوله: وعند عامة الفقهاء الخ) قال أحمد: أما ظاهر الآية فمقتضاه الأمر بتدارك المشيئة متى ذكرت ولو بعد الطول، وأما حلها لليمين حينئذ فلا دليل عليه منها والله أعلم. قال (ويجوز أن يكون المعنى واذكر ربك بالتسبيح الخ) قال أحمد: ويؤيد هذا التأويل بقوله تعالى أول القصة " أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا " فافتتح ذكر القصة بتقليل شأنها وإنكار عده من عجائب آيات الله، ثم ختمها بأمره عليه الصلاة والسلام بطلب ما هو أرشد وأدخل في الآية، والله أعلم
(٤٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 471 472 474 478 479 480 482 486 487 488 491 ... » »»