يحمل عليه كونه الواقع في علم الله تعالى، لأن الله عز وجل يعلم ما لم يكن لو كان كيف كان يكون فعلم تعالى أن الركون الذي كاد يحصل منه عليه الصلاة والسلام وإن كان ما حصل أمر قليل وخطب يسير فذلك إخبار من الله تعالى عن الواقع في علمه تقديرا، فلا يليق أن يحمل على المبالغة والتشبيه، فإن ذلك لا يكون في الإخبار، ألا ترى أنه لو كان الواقع كيدودة ركون كثير لكان تقليله خلفا في الخبر، ولا ينكر أن الذنب يعظم بحسب فاعله على ما ورد:
حسنات الأبرار سيئات المقربين. وأما نقل الزمخشري عن مشايخه استعظام نسبة الفواحش والقبائح إلى الله عز وجل فلقد استعظموا عظيما حق على كل مسلم أن يستفظعه، ولكنهم جهلوا باعتقاد القبح وصفا ذاتيا للقبيح فلزمهم على ذلك أن كل فعل استقبح من العبد استقبح من الله تعالى وهم غالطون في ذلك، فمعنى كون الفعل قبيحا أن الله تعالى نهى عنه عبده وإن كان لله تعالى أن يفعله وهو حسن بالنسبة إليه - لا يسئل عما يفعل وهم يسألون - ألا ترى أن الملك يصح منه أن يستقبح من عبده أن يجلس على كرسي الملك ونهاه عن ذلك، ولا يستقبح ذلك من نفسه بل هو منه حسن جميل، ولقد كان لمشايخه شغل باستعظام ما لزمهم من الإشراك عن استعظام غيره مما هو توحيد محض وإيمان صرف، ولكنهم زين لهم سوء اعتقادهم فرأوه حسنا، والله الموفق.