إملاء ما من به الرحمن - أبو البقاء العكبري - ج ١ - الصفحة ٧١
لأنه جزم بها وأدغم التاء في الطاء، وخيرا منصوب بأنه مفعول به، والتقدير: بخير، فلما حذف الحرف وصل الفعل، ويجوز أن يكون صفة لمصدر محذوف: أي تطوعا خيرا، وإذا جعلت من شرطا لم يكن في الكلام حذف (1) ضمير، لأن ضمير من في يطوع.
قوله تعالى (من البينات) من يتعلق بمحذوف لأنها حال من ما، أو من العائد المحذوف، إذ الأصل ما أنزلناه، ويجوز أن يتعلق بأنزلنا على أن يكون مفعولا به (من بعد) من يتعلق بيكتمون) ولا يتعلق بأنزلنا لفساد المعنى، لأن الإنزال لم يكن بعد التبيين إنما الكتمان بعد التبيين (في الكتاب) في متعلقة ببينا، وكذلك اللام ولم يمتنع تعلق الجارين به لاختلاف معناهما، ويجوز أن يكون " في " حالا أي كائنا في الكتاب (أولئك يلعنهم الله) مبتدأ وخبر في موضع خبر إن (ويلعنهم) يجوز أن يكون معطوفا على يلعنهم الأولى، وأن يكون مستأنفا.
قوله تعالى (إلا الذين تابوا) استثناء متصل في موضع نصب، والمستثنى منه الضمير في يلعنهم، وقيل هو منقطع لأن الذين كتموا لعنوا قبل أن يتوبوا، وإنما جاء الاستثناء لبيان قبول التوبة، لا لأن قوما من الكاتمين لم يلعنوا.
قوله تعالى (أولئك عليهم لعنة الله) قد ذكرناه في قوله " أولئك عليهم صلوات " وقرأ الحسن (والملائكة والناس أجمعون) بالرفع وهو معطوف على موضع اسم الله، لأنه في موضع رفع، لأن التقدير: أولئك عليهم أن يعلنهم الله، لأنه مصدر أضيف إلى الفاعل.
قوله تعالى (خالدين فيها) هو حال من الهاء والميم في عليهم (لا يخفف) حال من الضمير في خالدين، وليست حالا ثانية من الهاء، والميم لما ذكرنا في غير موضع، لأن الاسم الواحد لا ينتصب عنه حالان، ويجوز أن يكون مستأنفا لا موضع له.
قوله تعالى (إله واحد) إله خبر المبتدأ، وواحد صفة له، والغرض هنا هو الصفة، إذ لو قال وإلهكم واحد لكان هو المقصود، إلا أن في ذكره زيادة توكيد، وهذا يشبه الحال الموطئة كقولك: مررت بزيد رجلا صالحا، وكقولك في الخبر زيد شخص صالح (إلا هو) المستثنى في موضع رفع بدلا من موضع لا إله، لأن

(1) (قوله لم يكن في الكلام حذف إلخ) فيه نظر ظاهر، لأن ضمير " يطوع " موجود على كلا التقديرين، والرابط في قوله " فإن الله " محذوف على كل حال كما في السفاقسي فلا بد من تقديره، وتأمل اه‍.
(٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 ... » »»
الفهرست