إملاء ما من به الرحمن - أبو البقاء العكبري - ج ١ - الصفحة ٦٨
وجهه إلى القبلة، وقال النحاس: شطر هنا ظرف لأنه بمعنى الناحية (وحيث) ظرف لولوا، وإن جعلتها شرطا انتصب ب‍ (كنتم) لأنه مجزوم بها وهي منصوبة به (أنه الحق من ربهم) في موضع الحال، وفى أول السورة مثله.
قوله تعالى (ولئن أتيت) اللام موطئة للقسم: وليست لازمة بدليل قوله " وإن لم ينتهوا عما يقولون " (ما تبعوا) أي لا يتبعوا، فهو ماض في معنى المستقبل ودخلت " ما " حملا على لفظ الماضي، وحذفت الفاء في الجواب لأن فعل الشرط ماض، وقال الفراء: إن هنا بمعنى لو، فلذلك كانت " ما " في الجواب وهو بعيد، لأن إن للمستقبل ولو للماضي (إذن) حرف، والنون فيه أصل، ولا تستعمل إلا في الجواب، ولا تعمل هنا شيئا لأن عملها في الفعل ولافعل.
قوله تعالى (الذين آتيناهم الكتاب) مبتدأ، و (يعرفونه) الخبر، ويجوز أن يكون الذين بدلا من الذين أوتوا الكتاب في الآية قبلها، ويجوز أن يكون بدلا من الظالمين، فيكون يعرفونه حالا من الكتاب أو من الذين، لأن فيه ضميرين راجعين عليهما، ويجوز أن يكون نصبا على تقدير أعنى ورفعا على تقديرهم (كما) صفة لمصدر محذوف، وما مصدرية.
قوله تعالى (الحق من ربك) ابتداء وخبر، وقيل الحق خبر مبتدأ محذوف تقديره: ما كتموه الحق أو ما عرفوه، وقيل هو مبتدأ والخبر محذوف تقديره:
يعرفونه أن يتلونه، ومن ربك على الوجهين حال، وقرأ علي عليه السلام " الحق " بالنصب بيعلمون.
قوله تعالى (ولكل وجهة) وجهة مبتدأ ولكل خبره، والتقدير: لكل فريق وجهة، جاء على الأصل، والقياس جهة مثل عدة وزنة، والوجهة مصدر في معنى المتوجه إليه، كالخلق بمعنى المخلوق، وهي مصدر محذوف الزوائد، لأن الفعل توجه أو اتجه، والمصدر التوجه أو الاتجاه، ولم يستعمل منه وجه كوعد (هو موليها) يقرأ بكسر اللام، وفى هو وجهان: أحدهما هو ضمير اسم الله، والمفعول الثاني محذوف: أي الله مولى تلك الجهة ذات الفريق أي يأمره بها. والثاني هو ضمير كل: أي ذلك الفريق مولى الوجهة نفسه، ويقرأ مولاها بفتح اللام، وهو على هذا هو ضمير الفريق، ومولى لما لم يسم فاعله، والمفعول الأول هو الضمير المرفوع فيه، وها ضمير المفعول الثاني، وهو ضمير الوجهة، وقيل للتولية، ولا يجوز أن
(٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 ... » »»
الفهرست