فإن قيل: فأين الضمير العائد على المبتدأ من الجملة. قيل: وضع الظاهر موضعه تفخما: أي فمن شهده منكم كما قال الشاعر:
لا أرى الموت يسبق الموت شئ * بغض الموت ذا الغنى والفقيرا أي لا يسبقه شئ، ومن هنا شرطية مبتدأة، وما بعدها الخبر، ويجوز أن تكون بمعنى الذي، فيكون الخبر فليصمه، و (منكم) حال من ضمير الفاعل، ومفعول شهد محذوف أي شهد المصر، و (الشهر) ظرف أو مفعول به على السعة ولا يجوز أن يكون التقدير: فمن شهد هلال الشهر لأن ذلك يكون في حق المريض والمسافر والمقيم الصحيح، والذي يلزمه الصوم الحاضر بالمصر إذا كان صحيحا، وقيل التقدير: هلال الشهر، فعلى هذا يكون الشهر مفعولا به صريحا لقيامه مقام الهلال، وهذا ضعيف لوجهين: أحدهما ما قدمنا من لزوم الصوم على العموم وليس كذلك، والثاني أن شهد بمعنى حضر، ولا يقال حضرت هلال الشهر، وإنما يقال شاهدت الهلال، والهاء في (فليصمه) ضمير الشهر، وهي مفعول به على السعة، وليست ظرفا، إذ لو كانت ظرفا لكانت معها في، لأن ضمير الظرف لا يكون ظرفا بنفسه، ويقرأ " شهر رمضان " بالنصب، وفيه ثلاثة أوجه: أحدها أنه بدل من أياما معدودات، والثاني على إضمار أعنى شهر، والثالث أن يكون منصوبا بتعلمون: أي إن كنتم تعلمون شرف شهر رمضان فحذف المضاف، ويقرأ في الشاذ شهري رمضان على الابتداء والخبر، وأما قوله " أنزل فيه القرآن " فالمعنى في فضله كما تقول أنزل في الشئ آية، وقيل هو ظرف: أي أنزل القرآن كله في هذا الشهر إلى السماء الدنيا " وهدى، وبينات " حالان من القرآن.
قوله تعالى (يريد الله بكم اليسر) الباء هنا للالصاق، والمعنى: يريد أن يلصق بكم اليسر فيما شرعه لكم، والتقدير: يريد الله بفطركم في حال العذر اليسر (ولتكملوا العدة) هو معطوف على اليسر، والتقدير: لأن تكملوا واللام على هذا زائدة كقوله تعالى " ولكن يريد ليطهركم " وقيل التقدير: ليسهل عليكم ولتكملوا وقيل " ولتكملوا العدة " فعل ذلك.
قوله تعالى (فإني قريب) أي فقل لهم إني، لأنه جواب " إذا سألك " (وأجيب) خبر ثان، و (فليستجيبوا) بمعنى فليجيبوا كما تقول قر واستقر بمعنى، وقالوا استجابه بمعنى جابه (لعلهم يرشدون) الجمهور على فتح الياء