تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٧٥٩
جواب القسم محذوف يدل عليه قوله: (قتل أصحب الأخدود)، كأنه قال:
أقسم بهذه الأشياء أنهم الملعونون، يعني: كفار قريش، كما لعن أصحاب الأخدود، وذلك لأن السورة وردت في تثبيت المؤمنين، وتذكيرهم بما جرى على من تقدمهم من التعذيب على الإيمان مع صبرهم وثباتهم حتى يقتدوا بهم، ويصبروا على ما يلقون من قومهم، ويعلموا أن كفارهم بمنزلة أولئك المحرقين بالنار، ملعونون معذبون، أحقاء بأن يقال فيهم: قتلوا كما قتل أصحاب الأخدود، و (قتل) دعاء عليهم، أي: لعنوا بتحريقهم المؤمنين، والأخدود: الخد في الأرض، وهو الشق، ونحوهما بناء ومعنى: الخق والأخقوق، ومنه الحديث:
" فساخت قوائمه في أخاقيق جرذان " (1).
وروي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: " كان لبعض الملوك ساحر، فلما كبر ضم إليه غلاما ليعلمه السحر، وكان في طريق الغلام راهب فسمع منه وأعجبه كلامه، ثم رأى في طريقه ذات يوم دابة قد حبست الناس، فأخذ حجرا فقال: اللهم إن كان الراهب أحب إليك من الساحر فاقتلها، فقتلها، ثم كان الغلام بعد ذلك يبرئ الأكمه والأبرص ويشفي من الأمراض، فأخذ الملك الغلام فقال: ارجع عن دينك، فأبى، فأمر أن يذهب به إلى جبل فيطرح من ذروته، فدعا فقال: اللهم اكفنيهم بما شئت، فرجفت بهم الخيل ونجا، فذهب به إلى قرقور (2) فلججوا به ليغرقوه، فدعا فانكفأت بهم السفينة فغرقوا ونجا، فقال للملك: لست بقاتلي حتى تجمع الناس في صعيد وتصلبني على جذع وتأخذ سهما من كنانتي وتقول: بسم الله رب الغلام، ثم ترميني به، فرماه فوقع في صدغه، فوضع يده عليه ومات، فقال الناس: آمنا

(1) رواه الزمخشري في الكشاف: ج 4 ص 730 مرسلا.
(2) القرقور: السفينة الطويلة. (الصحاح: مادة قرقر).
(٧٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 753 754 755 757 758 759 760 761 762 763 764 ... » »»