تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٧٥٣
(مدت) أي: بسطت بأن تزال جبالها وكل أمت فيها حتى تمتد وتنبسط، كقوله: ﴿قاعا صفصفا لا ترى فيها عوجا ولا أمتا﴾ (١). (وألقت ما فيها) ورمت بما في جوفها مما دفن فيها من الأموات والكنوز، مثل: ﴿وأخرجت الأرض أثقالها﴾ (٢)، (وتخلت) وخلت غاية الخلو حتى لم يبق شيء في باطنها، كأنها تكلفت أقصى جهدها في الخلو، كقولهم: تكرم وتشجع ونحوهما. والمعنى: بلغ الجهد فيه، وتكلف فوق ما في طبعه.
والكدح: الكد في العمل، وجهد النفس فيه حتى يؤثر فيها، من: كدح جلده إذا خدشه، والمعنى: (إنك) جاهد (إلى) لقاء (ربك) وهو الموت وما بعده من الحال الممثلة باللقاء، (فملقيه) فملاق له لا محالة، لا مفر لك منه، وقيل: الضمير في (ملقيه) للكدح (٣). (حسابا يسيرا) أي: سهلا هينا لا يناقش فيه، وروي:
أن الحساب اليسير هو الإثابة على الحسنات والتجاوز عن السيئات، ومن نوقش في الحساب عذب (٤). (وينقلب إلى أهله) من الحور العين في الجنة، أو: إلى أولاده وعشائره وقد سبقوه إلى الجنة.
(ورآء ظهره) لأن يمينه مغلولة إلى عنقه، وشماله خلف ظهره، فيؤتى كتابه بشماله من وراء ظهره. (فسوف يدعوا ثبورا) ويقول: يا ثبوراه، والثبور: الهلاك.
(ويصلى سعيرا) ويصير صلاء للنار المسعرة، وقرئ: " ويصلى " (٥) كقوله:
﴿وتصلية جحيم﴾ (6). (إنه كان في أهله) فيما بين أظهرهم أو: معهم، على أنهم

(١) طه: ١٠٦ و ١٠٧.
(٢) الزلزلة: ٢.
(٣) قاله ابن عباس في تفسيره: ص ٥٠٢.
(٤) أخرجه أحمد في المسند: ج ٦ ص ١٢٧ عن عائشة.
(٥) قرأه نافع برواية خارجة وعاصم برواية أبان بضم الياء، وقرأ ابن كثير ونافع وابن عامر والكسائي بضمها وتشديد اللام. راجع كتاب السبعة في القراءات: ص ٦٧٧.
(٦) الواقعة: ٩٤.
(٧٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 748 749 750 751 752 753 754 755 757 758 759 ... » »»