تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٧٤٥
وقال (عليه السلام) لهم: " خمس بخمس: ما نقض قوم العهد إلا سلط الله عليهم عدوهم، وما حكموا بغير ما أنزل الله إلا فشا فيهم الفقر، وما ظهرت فيهم الفاحشة إلا فشا فيهم الموت، ولا طففوا الكيل إلا منعوا النبات وأخذوا بالسنين، وما منعوا الزكاة إلا حبس عنهم القطر " (1).
(اكتالوا على الناس) لما كان اكتيالهم اكتيالا يضر الناس أبدل " على " مكان " من " للدلالة على ذلك، ويجوز أن يتعلق (على) ب‍ (يستوفون) وتقدم المفعول على الفعل لإفادة الخصوصية، أي: (يستوفون) على الناس خاصة، فأما أنفسهم فيستوفون لها. وقال الفراء: " من " و " على " تعتقبان في هذا الموضع لأنه حق عليه، فإذا قال: اكتلت عليك، فكأنه قال: أخذت ما عليك، وإذا قال: اكتلت منك، فكأنه قال: استوفيت منك (2). والضمير في (كالوهم أو وزنوهم) ضمير منصوب راجع إلى (الناس)، وفيه وجهان: أن يراد: كالوا لهم أو وزنوا لهم، فحذف الجار وأوصل الفعل، كما قال:
ولقد جنيتك أكمؤا وعساقلا * ولقد نهيتك عن نبات الأوبر (3) [وفي المثل:] (4) " والحريص يصيدك لا الجواد " (5). والمعنى: جنيت لك، و: يصيد لك. وأن يكون على حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه،

(١) أخرجه الطبراني في المعجم: ج ١١ ص ٣٨ باسناده عن عبد الله بن بريدة عن أبيه رفعه.
(٢) معاني القرآن: ج 3 ص 246.
(3) لم نعثر على قائله، والأكمؤ: جمع كمأة، والعساقل: جمع عسقول وهو نوع صغير منها جيد أبيض، ونبات الأوبر: نوع ردئ منها يكون أسود مزغبا. والبيت من باب التمثيل لحال من أغري إلى الطيب فعدل إلى الخبيث ثم يتندم على عاقبته. انظر شرح الشواهد: ص 552.
(4) زيادة يقتضيها السياق.
(5) أراد: أن الذي له هوى وحرص على شأنك هو الذي يقوم به، لا القوي عليه ولا هوى ولا حرصا له فيك. أنظر مجمع الأمثال: ج 1 ص 216.
(٧٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 740 741 742 743 744 745 746 747 748 749 750 ... » »»