تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٦٩٦
بين صفتي الجوهرين المتباينين، ومثله: " كان " في قوله: (كان مزاجها كافورا)، نحو " يكون " في قوله: ﴿كن فيكون﴾ (1). (قدروها) صفة ل‍ (قواريرا) والمعنى: أنهم قدروها في أنفسهم أن تكون على مقادير وأشكال على حسب شهواتهم، فجاءت كما قدروا، وقيل: إن الضمير " للطائفين " بها عليهم، أي: قدروا شرابها على قدر الري، وهو ألذ للشارب لكونه على قدر حاجته (2). وعن مجاهد:
لا تغيض ولا تفيض (3). وقرئ: " قدروها " بضم القاف (4)، والوجه فيه: أن يكون من: " قدر " منقولا من " قدر "، تقول: قدرت الشيء، و: قدرنيه فلان: إذا جعلك قادرا له، ومعناه: جعلوا قادرين لها كيف شاءوا على حسب ما اشتهوا.
(كان مزاجها زنجبيلا) العرب تستطيب الزنجبيل وتستلذه، قال الأعشى:
كأن القرنفل والزنجبي‍ل * باتا بفيها وأريا مشورا (5) وعن ابن عباس: كل ما ذكر الله في القرآن مما في الجنة ليس مثله في الدنيا، ولكن سماه بما يعرف (6). وسميت العين زنجبيلا لطعم الزنجبيل فيها، يعني: أنها في طعمه وليس فيها لذعة، ولكن نقيض اللذع وهو السلاسة، يقال: شراب سلسل وسلسال وسلسبيل زيدت الباء في التركيب حتى صارت الكلمة خماسية ودلت

(١) البقرة: ١١٧، آل عمران: ٤٧ و ٥٩، الانعام: ٧٣.
(٢) قاله سعيد بن جبير والحسن ومجاهد وقتادة وابن زيد. راجع تفسير الطبري: ج ١٢ ص ٣٦٧.
(٣) رواه عنه الطبري في تفسيره المتقدم.
(٤) قرأه ابن عباس والسلمي والشعبي ورووه عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلي (عليه السلام). راجع شواذ القرآن لابن خالويه: ص 166.
(5) من قصيدة طويلة يمدح فيها هوذة بن علي الحنفي. والزنجبيل: نبات طيب الرائحة، والأري: العسل، والمشهور: المجموع، انظر ديوان الأعشى: ص 87 وفيه: " كأن جنيا "، و " خالط فاها " بدلا من " باتا بفيها ".
(6) حكاه عنه البغوي في تفسيره: ج 4 ص 430.
(٦٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 691 692 693 694 695 696 697 698 699 700 701 ... » »»