تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٥٧٥
(بإذن الله) بتقديره ومشيئته، كأنه أذن للمصيبة أن تصيبه (يهد قلبه) يلطف به ويشرحه للازدياد من الطاعة والخير، وعن ابن عباس: يهد قلبه للاسترجاع عند المصيبة (1). وعن مجاهد: إن ابتلي صبر، وإن أعطي شكر، وإن ظلم غفر (2). وعن الضحاك: يهد قلبه حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه (3).
(إن من أزوجكم) أزواجا يعادينكم ويخاصمنكم، ومن (أولدكم) أولادا يعادونكم ويعقونكم (فاحذروهم) الضمير للعدو أو للأزواج والأولاد جميعا، أي: فكونوا منهم على حذر ولا تأمنوا غوائلهم وشرورهم (وإن تعفوا) عنهم إذا اطلعتم منهم على عداوة، وتتجاوزوا عنهم، وتستروا ما فرط منهم عليهم (فإن الله) يغفر لكم ذنوبكم، ويكفر عنكم سيئاتكم.
(إنما أمولكم وأولدكم فتنة) (4) أي: بلاء ومحنة وسبب لوقوعكم في الجرائم والعظائم، وقيل: إذا أمكنكم الجهاد والهجرة فلا يفتننكم الميل إلى الأموال والأولاد (5). (فاتقوا الله ما استطعتم) جهدكم ووسعكم، أي: ابذلوا فيها جهدكم واستطاعتكم (واسمعوا) ما توعظون به (وأطيعوا) فيما تؤمرون به وتنهون عنه (وأنفقوا) في الوجوه التي تجب عليكم النفقة فيها (خيرا) منصوب بمحذوف، والتقدير: ائتوا خيرا لأنفسكم، أي: افعلوا ما هو خير لها وأنفع. وهذا

(١) تفسير ابن عباس: ص ٤٧٤.
(٢) حكاه الفراء في معاني القرآن: ج ٣ ص ١٦١.
(٣) حكاه عنه الزمخشري في الكشاف: ج ٤ ص ٥٤٩.
(٤) روى النحاس عن ابن زيد عن أبيه قال: كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يخطب فرأى الحسن والحسين يعبران (يعثران - خ) فنزل من على المنبر وضمهما إليه وتلا هذه الآية. إعراب القرآن لأبي جعفر النحاس: ج ٤ ص ٤٤٥ - ٤٤٦.
(٥) قاله الزجاج في معاني القرآن: ج 5 ص 182.
(٥٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 570 571 572 573 574 575 576 577 578 579 580 ... » »»