تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٣٣٤
أي: كأنه (لم يسمعها) والضمير ضمير الشأن والحديث، والجملة في محل النصب على الحال، أي: يصر مثل غير السامع (وإذا) بلغه شيء (من ءاياتنا) وعلم أنه منها (اتخذها) أي: اتخذ الآيات (هزوا) ولم يقل: اتخذه؛ للإيذان بأنه إذا أحس بشيء من الكلام أنه من جملة الآيات التي أنزلها الله على رسوله استهزأ بجميع الآيات، ولم يقتصر على الاستهزاء بما بلغه (أولئك) إشارة إلى كل أفاك أثيم.
والوراء: اسم للجهة التي يواريها الشخص من خلف أو قدام، والمعنى: من قدامهم جهنم (ولا يغنى عنهم ما كسبوا) أي: ما اكتسبوه وحصلوه من الأموال في متاجرهم (ولا ما اتخذوا من دون الله) من الأصنام.
(هذا) إشارة إلى القرآن (هدى) أي: دلالة موصلة إلى الحق كاملة في الهداية، كما تقول: زيد رجل، أي: كامل في الرجولية وأي رجل، والرجز: أشد العذاب، وقرئ بجر (أليم) ورفعه (1).
ثم دل سبحانه على توحيده فقال: (الله الذي سخر لكم البحر لتجرى الفلك) أي: السفن (فيه)، (ولتبتغوا من فضله) بالتجارة أو بالغوص على اللؤلؤ والمرجان، واستخراج اللحم الطري وغير ذلك من منافع البحر. وقوله:
(منه) واقعة موقع الحال، والمعنى: سخر لكم هذه الأشياء كائنة منه وحاصلة من عنده، والمعنى: أنه مكونها وموجدها بقدرته ومسخرها لخلقه، ويجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف تقديره: هي جميعا منه، وأن يكون (وما في الأرض) مبتدأ و (منه) خبره.

(1) قرأ ابن كثير وعاصم برواية حفص بالرفع والباقون بجره. راجع كتاب السبعة في القراءات:
ص 594.
(٣٣٤)
مفاتيح البحث: القرآن الكريم (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 329 330 331 332 333 334 335 336 337 338 339 ... » »»