تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٢٨٠
(وما تفرقوا) يعني: أهل الكتاب بعد أنبيائهم (إلا من بعد) أن علموا أن الفرقة ضلال وفساد (ولولا كلمة سبقت من ربك) وهي عدة التأخير (إلى) يوم القيامة (لقضى بينهم) حين افترقوا لعظم ما اقترفوا (وإن الذين أورثوا الكتاب من بعدهم) وهم أهل الكتاب الذين كانوا على عهد رسول الله (لفي شك) من كتابهم لا يؤمنون به حق الإيمان. وقيل: وما تفرق أهل الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بمبعث رسول الله، (وإن الذين أورثوا الكتاب من بعدهم) العرب، والكتاب: القرآن (1). (فلذلك) أي: فلأجل ذلك التفرق (فادع) إلى الاتفاق والائتلاف على الملة الحنيفة (واستقم) عليها وعلى الدعوة إليها (كمآ أمرت ولا تتبع أهوآءهم) المختلفة الباطلة (وقل ءامنت بما أنزل الله) من الكتب على الأنبياء قبلي (وأمرت لأعدل بينكم) في الدعاء إلى الحق ولا أحابي أحدا، أو:
أعدل بينكم في جميع الأشياء (لا حجة بيننا وبينكم) أي: لا خصومة لأن الحق قد ظهر، والحجة قد لزمتكم فلا حاجة إلى المحاجة، والمعنى: لا إيراد حجة بيننا وبينكم (الله يجمع بيننا) يوم القيامة فيفصل بيننا وينتقم لنا منكم.
(والذين يحآجون في الله من بعد ما استجيب له حجتهم داحضة عند ربهم وعليهم غضب ولهم عذاب شديد (16) الله الذي أنزل الكتب بالحق والميزان وما يدريك لعل الساعة قريب (17) يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها والذين ءامنوا مشفقون منها ويعلمون أنها الحق ألا إن الذين يمارون في الساعة لفي ضلل بعيد (18) الله لطيف بعباده ى يرزق من يشآء وهو القوى العزيز (19) من كان يريد حرث

(1) قاله ابن عباس في تفسيره: ص 407.
(٢٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 275 276 277 278 279 280 281 282 283 284 285 ... » »»