تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٢ - الصفحة ٥٦٦
* (وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقى الشيطان ثم يحكم الله آياته والله عليم حكيم (52) ليجعل ما يلقى الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم وإن الظالمين لفي شقاق بعيد (53) وليعلم الذين أوتوا العلم أنه الحق من ربك فيؤمنوا به فتخبت له قلوبهم وإن الله لهاد الذين آمنوا إلى صراط مستقيم (54) ولا يزال الذين كفروا في مرية منه حتى تأتيهم الساعة بغتة أو يأتيهم عذاب يوم عقيم (55)) * روي: أن السبب في نزول هذه الآية أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) تلا سورة النجم وهو في نادي قومه، فلما بلغ قوله: * (ومنوا ة الثالثة الأخرى) * (1) * (ألقى الشيطان في أمنيته) * أي: في تلاوته: " تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجي "، فسر بذلك المشركون، فنزلت الآية تسلية له صلوات الله عليه وآله (2)، ومعناه: أنه لم يبعث رسول ولا نبي * (إلا إذا تمنى) * أي: تلا، حاول الشيطان تغليطه فألقى في تلاوته ما يوهم أنه من جملة الوحي فيرفع الله ما ألقاه بمحكم آياته، وقيل: إنما ألقى ذلك في تلاوته بعض الكفار، فأضيف ذلك إلى الشيطان لما حصل بإغوائه (3). ومما يبين أن التمني يكون في معنى التلاوة، قول حسان بن ثابت:
تمنى كتاب الله أول ليلة * وآخرها لاقى حمام المقادر (4)

(١) النجم: ٢٠.
(2) رواه ابن عباس وسعيد بن جبير ومحمد بن كعب ومحمد بن قبيس. راجع تفسير الطبري:
ج 9 ص 174. ولا يخفي أن العديد من المحققين من علماء المسلمين الأبرار قد صرحوا أن ما روي في سبب نزول هذه الآية فهو من الموضوعات والخرافات التي لا أساس لها من الصحة، فما نقله بعض المفسرين لا يعبأ به. راجع تفصيل ذلك في كتاب الهدى إلى دين المصطفى للعلامة البلاغي: ج 1 ص 123 وما بعده.
(3) حكاه ابن عيسى كما في تفسير الماوردي: ج 4 ص 35.
(4) وروي الشطر الثاني: تمنى داود الزبور على رسل. قد تقدم ذكر البيت في ج 1 ص 119.
(٥٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 561 562 563 564 565 566 567 568 569 570 571 ... » »»