تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٢ - الصفحة ٥٦٧
وعن مجاهد: كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا تأخر عنه الوحي تمنى أن ينزل عليه فيلقي الشيطان في أمنيته بما يوسوس إليه، وينسخ الله ذلك ويبطله بما يرشده إليه من مخالفة الشيطان (1). وقال: " تلك الغرانيق " إشارة إلى الملائكة، أي: هم الشفعاء لا الأصنام، والغرانيق: جمع غرنوق، وهو الشاب الجميل الممتلئ ريا (2) * (فينسخ الله ما يلقى الشيطان) * أي: يذهب به ويبطله * (ثم يحكم الله آياته) * أي: يثبتها حتى لا يتطرق عليها ما يشعثها.
* (ليجعل ما يلقى الشيطان) * في الأمنية وتمكينه من ذلك * (فتنة) * أي: محنة وابتلاء، يزداد المنافقون به شكا وظلمة، وهم الذين * (في قلوبهم مرض) *، والمؤمنون يقينا ونورا قد ازدادوا إيمانا إلى إيمانهم * (والقاسية قلوبهم) * هم المشركون المكذبون، * (وإن الظالمين) * يعني: وإن هؤلاء المنافقين والمشركين، والأصل: " وإنهم " إلا أنه وضع الظاهر موضع الضمير ليقضي عليهم بالظلم * (لفي شقاق) * أي: مشاقة الله تعالى.
* (وليعلم الذين أوتوا العلم) * بالله وبحكمته * (أنه الحق من ربك) * في الحكمة فيصدقوا به * (فتخبت له قلوبهم) * أي: تطمئن وتسكن * (وإن الله) * لهادي * (الذين آمنوا إلى) * أن يتأولوا ما يتشابه في الدين بالتأويلات الصحيحة، فلا تعتريهم شبهة ولا تخالجهم مرية.
والضمير في قوله: * (في مرية منه) * للقرآن أو للرسول، والمراد باليوم العقيم:
يوم بدر، وصفه بالعقيم لأن أولاد النساء يقتلون فيه فيصرن كأنهن عقم لم يلدن، أو: لأن المقاتلين يوصفون بأنهم أبناء الحرب فإذا قتلوا وصف يوم الحرب بأنه

(١) حكاه عنه الطوسي في التبيان: ج ٧ ص ٣٣٠.
(2) كذا في النسخ.
(٥٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 562 563 564 565 566 567 568 569 570 571 572 ... » »»