تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٢ - الصفحة ٥٥٥
المفعول الثاني ل‍ * (جعلنه) * أي: جعلناه مستويا * (العكف فيه والباد) *، والرفع على أن الجملة في محل النصب على المفعول الثاني، وفيه دلالة على امتناع جواز بيع دور مكة، والمراد ب‍ * (المسجد الحرام) *: الحرم كله، كما قال: * (أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام) * (1)، والإلحاد: العدول عن القصد، وقوله: * (بإلحاد بظلم) * حالان مترادفان، ومفعول * (يرد) * متروك ليتناول كل متناول، كأنه قال:
* (ومن يرد فيه) * مرادا ما عادلا عن القصد ظالما * (نذقه من عذاب أليم) * يعني:
أن الواجب على من كان فيه أن يسلك طريق العدل والسداد في جميع ما يهم به ويقصده، وخبر * (إن) * محذوف، لدلالة جواب الشرط عليه، وتقديره: إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله والمسجد الحرام نذيقهم من عذاب أليم، وكل من ارتكب فيه ذنبا فهو كذلك.
واذكر حين جعلنا * (لإبراهيم مكان البيت) * مباءة، أي: مرجعا يرجع إليه للعمارة والعبادة، و * (أن) * هي المفسر، أي: تعبدنا إبراهيم وقلنا له: * (لا تشرك بي شيئا وطهر بيتي) * من الأصنام والأقذار أن تطرح حوله. * (وأذن في الناس) * ناد فيهم، والنداء * (بالحج) * أن يقول: حجوا، أو: عليكم * (بالحج) *.
وروي: أنه صعد أبا قبيس فقال: يا أيها الناس، حجوا بيت ربكم، فأسمع الله صوته كل من سبق علمه بأنه يحج إلى يوم القيامة، فأجابوه بالتلبية في أصلاب الرجال (2).
وعن الحسن: أن الخطاب لرسول الله (صلى الله عليه وآله)، أمر أن يعلم الناس بوجوب الحج في حجة الوداع (3). * (رجالا) * أي: مشاة، جمع راجل، كقائم وقيام * (وعلى كل

(1) الاسراء: 1.
(2) رواه الماوردي في تفسيره: ج 4 ص 18.
(3) حكاه عنه البغوي في تفسيره: ج 3 ص 283.
(٥٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 550 551 552 553 554 555 556 557 558 559 560 ... » »»