تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٢ - الصفحة ٥٦٥
من الوحي * (فإنها) * الضمير للشأن والقصة، وقد يجئ مؤنثا، ويجوز أن يكون ضميرا مبهما يفسره * (الابصار) *، وفي * (تعمى) * راجع إليه، والمعنى: أن أبصارهم صحيحة لا عمى بها وإنما العمى بقلوبهم، أو يريد: أن لا اعتبار بعمى الأبصار، فكأنه ليس بعمى (1) بالإضافة إلى عمى القلوب، وقوله: * (التي في الصدور) * توكيد كما في قوله: * (يقولون بأفواههم) * (2)، وذلك لتقرير: أن مكان العمى هو القلب لا البصر.
ثم أنكر استعجالهم للعذاب المتوعد به، أي: كأنهم يجوزون فوته والله عز اسمه لا * (يخلف.. وعده) * ولا محالة أن يصيبهم ذلك إلا أنه عز اسمه حليم لا يعجل، ومن حلمه واستقصاره المدد الطويلة أن * (يوما) * واحدا عنده * (كألف سنة) * عندكم، وقيل: معناه: كيف يستعجلون بعذاب من يوم واحد من أيام عذابه في طول ألف سنة من سنيكم، لأن أيام الشدائد طوال (3).
وكم * (من) * أهل * (قرية) * قد أنظرتهم حينا * (ثم) * أخذتهم بالعذاب * (وإلى) * المرجع.
* (سعوا في آياتنا) * بالفساد: من الطعن فيها بأن سموها سحرا وشعرا وأساطير الأولين، ومن تثبيط الناس عنها * (معجزين) * أي: مسابقين في زعمهم وتقديرهم، وقرئ: " معجزين " (4) أي: مسابقين عندهم طامعين أن كيدهم للإسلام يتم لهم، أو: قاصدين تعجيز رسولنا، يقال: عاجزه أي: سابقه، لأن كل واحد من المتسابقين (5) في طلب عجز الآخر عن اللحاق به، فإذا سبقه قيل: أعجزه وعجزه.

(١) في بعض النسخ: لعمى.
(٢) آل عمران: ١٦٧.
(٣) قاله عكرمة كما في تفسير القرطبي: ج ١٢ ص ٧٨.
(4) قرأه ابن كثير وأبو عمرو. راجع كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 439.
(5) في نسخة: المسابقين.
(٥٦٥)
مفاتيح البحث: الطعن (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 560 561 562 563 564 565 566 567 568 569 570 ... » »»