تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٢ - الصفحة ٥٥١
فيه، ويغيظه أنه لا يظفر بمطلوبه، فليستفرغ جهده في إزالة ما يغيظه بأن يفعل ما يفعله من بلغ به الغيظ كل مبلغ حتى مد حبلا * (إلى) * سماء بيته فاختنق، فلينظر أنه إن فعل ذلك * (هل) * يذهب نصر الله الذي يغيظه؟ وسمى الاختناق قطعا لأن المختنق يقطع نفسه بحبس مجاريه، ولذلك يقال للبهر (1): قطع، وسمى فعله " كيدا " لأنه وضعه موضع الكيد حيث لم يقدر على غيره، أو: على سبيل الاستهزاء لأنه لم يكد به محسوده، إنما كاد به نفسه، والمراد: ليس في يده إلا ما ليس بمذهب لما يغيظه. وقيل: معناه: * (فليمدد) * بحبل * (إلى السماء) * المظلة ليصعد عليه و * (ليقطع) * الوحي أن ينزل عليه (2)، وقرئ: * (ثم ليقطع) * بكسر اللام (3) وسكونها، وأصل هذه اللام الكسر، إلا أنه جاز إسكانها مع الفاء والواو، لأن كل واحد منهما لا ينفرد بنفسه، فهو كحرف من نفس الكلمة فصار بمنزلة: فخذ وعضد، ثم شبه الميم في * (ثم) * بالواو والفاء كقولهم: أراك منتصبا.
* (وكذلك) * أي: ومثل ذلك الإنزال أنزلنا القرآن كله * (آيات بينات) *، ولأن * (الله يهدي) * به الذين علم أنهم يؤمنون، أو: يثبت الذين آمنوا ويزيدهم هدى أنزله كذلك.
* (إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إن الله يفصل بينهم يوم القيمة إن الله على كل شئ شهيد (17) ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس

(1) البهر بالضم: تتابع النفس من الإعياء، وبالفتح: المصدر منه. (راجع لسان العرب: مادة بهر).
(2) قاله ابن زيد. راجع تفسير الماوردي: ج 4 ص 12.
(3) قرأه أبو عمرو ورويس وورش وابن ذكوان وهشام. راجع التذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 549 - 550.
(٥٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 546 547 548 549 550 551 552 553 554 555 556 ... » »»