تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٢ - الصفحة ٥٤٨
وما بعده في موضع جواب الشرط إن جعلت * (من) * شرطا، وفي موضع خبر المبتدأ إن جعلت * (من) * بمعنى " الذي " لكونه موصلا بالفعل، والجملة في موضع خبر " ان " الأولى. وأما الكسر فعلى حكاية المكتوب كما هو، أي: كأنما كتب عليه هذا الكلام، كما تقول: كتبت إن الله على كل شئ قدير، أو: على تقدير " قيل "، أو على: أن كتب فيه معنى القول.
المعنى: * (إن) * ارتبتم في * (البعث) * فالذي يزيل ريبكم أن تنظروا في مبدأ خلقكم، والعلقة: القطعة الجامدة من الدم، والمضغة: اللحمة الصغيرة قدر ما يمضغ، والمخلقة: المسواة الملساء من العيب والنقص، يقال: خلق السواك إذا سواه وملسه، كأنه سبحانه يخلق بعض المضغ كاملا أملس من العيب وبعضها على عكسه، فيتفاوت لذلك الناس في خلقهم وصورهم وتمامهم ونقصهم * (لنبين لكم) * بهذا التدريج قدرتنا وحكمتنا، وأن من قدر على خلق البشر * (من تراب) * أولا * (ثم من نطفة) * ثانيا، وقدر على أن يجعل النطفة علقة والعلقة مضغة والمضغة عظاما قدر على إعادة ما أبدأه * (ونقر) * أي: ونبقي * (في) * أرحام الأمهات * (ما نشاء) * أن نقره * (إلى أجل مسمى) * وهو وقت الوضع، وما لم نشأ إقراره أسقطته * (الأرحام) *، ووحد قوله: * (طفلا) * لأن الغرض الدلالة على الجنس، أو أراد: * (ثم) * نخرج وكل واحد منكم طفلا، ثم * (لتبلغوا أشدكم) * وهو حال اجتماع العقل وتمام الخلق والقوة والتمييز، وهو من ألفاظ الجموع التي لم يأت لها واحد، كأنها شدة في غير شئ واحد فبنيت لذلك على لفظ الجمع، و * (أرذل العمر) *:
الهرم والخرف حتى يعود كهيئته الأولى وقت الطفولية * (لكيلا يعلم من بعد علم شيئا) * أي: ليصير نساء، بحيث لو كسب علما في شئ زال عنه من ساعته ولا يستفيد علما، وينسى ما كان علمه.
(٥٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 542 543 545 546 547 548 549 550 551 552 553 ... » »»